عمال التوصيل في دمشق… مهنة خطرة بلا حماية في اقتصاد ينهار

شهدت دمشق خلال السنوات الأخيرة انتشارًا واسعًا لعمال التوصيل الفرديين، معتمدين على دراجاتهم النارية لتأمين دخل يومي في ظل الانهيار الاقتصادي المتسارع. ورغم أن هذه المهنة تبدو بسيطة، إلا أنها تحولت إلى واحدة من أكثر المهن خطورة وهشاشة في العاصمة، بسبب غياب أي تنظيم رسمي أو ضمان قانوني يحمي العاملين فيها.

عمل بلا إطار قانوني… ومدينة تتغير مخاطرها كل ساعة:

بعد اختفاء تطبيقات التوصيل وانتقال السوق إلى العمل الفردي، بات الشباب يعتمدون فقط على أرقام هواتفهم وصفحات التواصل الاجتماعي. لا عقود، لا شركات، ولا جهة مسؤولة عن حمايتهم، بينما يواجهون يوميًا مخاطر السرقة والاعتداء والمطاردات الليلية.

يقول جود الغريب (25 عامًا) لـ”الحل نت”: “أحيانًا بروح على شوارع ضيقة وما بعرف مين ناطرني… مرة حاولوا يسرقوا موبايلي ودراجتي. الخوف صار جزء من الشغل، بس ما في غيره لحتى نعيش.”

اتفاقات شفوية.. أرباح بسيطة ومخاطر كبيرة:

عمال التوصيل يعملون وفق شبكة غير رسمية تجمع بين محلات تطلبهم عند الحاجة وزبائن يتواصلون مباشرة عبر الهاتف. يحصل العامل على 10–15 ألف ليرة مقابل الطلب، لكن أي ضرر يلحق به أو بدراجته يكون على نفقته الخاصة.

يقول ماهر العيسى: “إذا انسرقت دراجتك أو انضربت بالطريق… محدا بيسأل. صاحب المحل بيقولك أنا مو مسؤول. كل شي على العامل.”

ليل دمشق… الخطر الأكبر:

العمل حتى ساعات متأخرة أصبح ضرورة لأن الطلبات تزداد بعد إغلاق المحلات. لكن الليل بالنسبة لهؤلاء يعني مواجهة أخطار مضاعفة.

يقول رامي عرفات: “أخطر شي آخر الليل. الشوارع فاضية ومظلمة. مرة وقفوني مسلحين وفتشوا الشنطة. ما بتعرف الخطر من وين بيجي.”

اقتصاد يقوم على هشاشة الناس:

يرى ناشطون أن مهنة التوصيل تكشف واقع الاقتصاد السوري القائم اليوم على الفوضى والعمل غير المنظم.

يقول الناشط المدني علاء سرحان لـ”الحل نت”: “هؤلاء الشباب يحمون اقتصادًا هشًا بأجسادهم. لا قانون، لا مؤسسة، فقط الحاجة التي تدفعهم للمخاطرة كل يوم.”

ولا توجد أي إحصاءات رسمية لعدد العاملين في هذه المهنة، ما يرسخ طبيعتها غير المنظمة وغياب أي جهة تعترف بحقوقهم أو توفر لهم حماية اجتماعية.

بين الخوف والحاجة… شريان اقتصاد يحتضر:

رغم كل المخاطر، يستمر عمال التوصيل في ملء شوارع دمشق. وجوه متعبة، حقائب على الظهر، ودراجات تتحرك بين الأزقة المظلمة.

وفي مدينة لا تقدم لهم أي حماية، يبقى أملهم الوحيد بسيطًا: العودة إلى منازلهم سالمين كل يوم.

إقرأ أيضاً: استياء في صفوف القوى الأمنية بإدلب بعد تخفيض الرواتب وتفاوت الأجور بين العناصر

إقرأ أيضاً: تزايد أزمة الأجور في سوريا: فجوة قاتلة بين الدخل والمعيشة

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.