تضارب روايات لجنة التحقيق في أحداث السويداء يثير الشكوك حول حيادها واستقلاليتها

أعادت لجنة التحقيق في أحداث السويداء الجدل إلى الواجهة بعد إعلان نتائج أولية متناقضة، أكدت خلالها عدم دخول أي فرقة مقاتلة أجنبية إلى المدينة، بينما أقرت في الوقت ذاته بوجود مقاتلين أجانب دخلوا بشكل فردي وعشوائي أثناء الهجوم.

تناقضات في الرواية الرسمية… ونفي يتحول إلى إقرار جزئي:

وخلال المؤتمر الصحفي، أكد رئيس اللجنة القاضي حاتم النعسان أن إفادات نحو 800 شخص لم تتحدث عن أي مجموعات قتالية منظمة من خارج البلاد. لكنه عاد ليشير إلى أن “بعض الأفراد الأجانب” شاركوا في الهجوم وسط الفوضى. هذا التباين بين النفي والإقرار الجزئي فتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول منهجية التحقيق ومصداقيته.

ومن جهتها، نشرت وسائل إعلام محلية خلال أيام الهجوم مواداً مصوّرة تُظهر مقاتلين يتحدثون بلهجات غير سورية، إضافة إلى مجموعات بزي غير مألوف، ما تناقض مع تصريحات اللجنة.

اعتراف بوجود انتهاكات… وفشل في تغطية كامل مسرح الأحداث:

النعسان أعلن أن اللجنة طلبت توقيف عناصر من الجيش والداخلية ظهرت وجوههم في مقاطع فيديو توثّق انتهاكات بحق مدنيين في السويداء. لكنه أقر أيضاً بأن اللجنة لم تتمكن من دخول جميع الأحياء والمنازل ومراكز الإيواء بسبب “ضيق الوقت”، ما دفعها لطلب تمديد عملها لشهرين إضافيين.

ورغم استعراض اللجنة مجموعة من الأسس القانونية الدولية التي تعتمد عليها، وتأكيدها على الحياد والاستقلالية، رأى كثيرون أن التناقضات التي ظهرت خلال المؤتمر أفقدتها جزءاً كبيراً من مصداقيتها.

انتقادات حقوقية وتشكيك في استقلالية اللجنة:

المرصد السوري لحقوق الإنسان اعتبر تصريحات النعسان “مربكة”، مؤكداً أن الجمع بين نفي دخول أجانب والإقرار بدخولهم فردياً “يثير الشكوك حول مهنية التحقيق”.

كما كتب المحامي ميشال شماس أن “الارتباك في الحديث عن مشاركة أجانب، والتهوين من خطاب الكراهية بوصفه سلوكاً فردياً، أفقد اللجنة مهنيتها واستقلاليتها”.

أما الصحفي نجم الدين النجم فاعتبر أن ما حصل “ليس لجنة تحقيق، بل لجنة تبرير وطمس”، مشيراً إلى أن النتائج الأولية تتجاهل السياق الطائفي والسياسي الواسع الذي رافق العملية.

صمت رسمي رغم الانتهاكات… ومؤشرات على غطاء غير مباشر:

ويؤكد مراقبون أن الواقع الميداني يناقض كثيراً من تصريحات اللجنة، خاصة بعد شكر رسمي وجهه أحمد الشرع، رئيس المرحلة الانتقالية، للعشائر التي شاركت في الهجوم، رغم توثّق انتهاكات واسعة مثل حلق شوارب مدنيين دروز والاعتداء عليهم.

كما لم يصدر أي موقف حكومي يدين موجة خطاب الكراهية التي اجتاحت مواقع التواصل ضد أبناء السويداء، وهو ما يعتبره محللون “غطاءً غير مباشر للانتهاكات”.

هل يمكن للجنة أن تقدم تحقيقاً نزيهاً؟

ومع تمديد عمل اللجنة لشهرين إضافيين، هل ستتمكن من تقديم تحقيق محايد وشفاف يكشف الحقيقة كما جرت؟ أم أن النتائج النهائية ستعيد إنتاج الرواية الرسمية نفسها التي ظهرت في المؤتمر الصحفي؟

إقرأ أيضاً: تقرير حقوقي: حالات تعذيب واختفاء قسري وقصف مدني في دمشق والسويداء واللاذقية

إقرأ أيضاً: السويداء على أعتاب الشتاء: أزمة خبز ووقود وكهرباء تهدد حياة السكان

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.