“آيريكس دمشق”.. مستقبل الاستثمار العقاري وإعادة الإعمار في سوريا

انطلقت في العاصمة السورية دمشق فعاليات الملتقى الدولي للتطوير العقاري (آيريكس)، بمشاركة عدد من رجال الأعمال والخبراء المحليين والعرب، لبحث واقع قطاع العقارات في سوريا بعد الحرب، واستعراض فرص وتحديات الاستثمار العقاري وإعادة الإعمار.

الملتقى، الذي تنظمه الشبكة التقنية للأعمال والفعاليات بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان، يستمر يومين، ويركّز على جاذبية السوق العقاري السوري، وخصوصية الواقع المحلي، إلى جانب المحاور القانونية والتمويلية والتأمينية، ودور التكنولوجيا والتسويق في دعم النشاط العقاري.

جاذبية السوق العقاري

في جلسة خُصصت لبحث جاذبية السوق العقاري، أشار المتحدثون إلى أن متطلبات المستثمرين تغيّرت بشكل واضح عن المراحل السابقة، نتيجة المتغيرات الاقتصادية الراهنة، داعين إلى تطوير آليات جديدة لتسهيل دخول المستثمرين المحليين والأجانب، وتجاوز العقبات البيروقراطية والإجرائية.

وقال معاون وزير الأشغال العامة والإسكان، ماهر خلوف، إن الوزارة تعمل على تطوير التشريعات والقوانين لتأمين بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة، مشيرًا إلى أن الهدف هو تحقيق استدامة قانونية تعزز ثقة المستثمرين.

أما ناظو يعقوبيان، المدير العام لمجموعة “بوزانت يعقوبيان”، فدعا إلى الاستفادة من الكفاءات السورية في الخارج، سواء من رجال الأعمال أو الخبرات الفنية والهندسية، معتبرًا أن هؤلاء يشكّلون “رصيدًا بشريًا واقتصاديًا يمكن أن يساهم في إعادة إعمار سوريا”. كما طرح فكرة إنشاء مراكز تدريب متخصصة بالتعاون مع الجاليات السورية لتأهيل العمالة المحلية ومواكبة التطورات التكنولوجية في البناء.

وفي السياق نفسه، شدد محمد دعبول، الرئيس التنفيذي لمجموعة “مدار ألمنيوم الصناعية”، على أهمية حماية الصناعة الوطنية المشاركة في عملية الإعمار، عبر فرض رسوم على المنتجات الأجنبية المماثلة لضمان التوازن بين تشجيع الصناعة المحلية وتوفير السلع بأسعار مناسبة.

من جانبها، قالت مجد شربجي، رئيسة مجموعة “غلوري العالمية”، إن أبرز التحديات التي تواجه المستثمرين تتعلق بـ مشاكل الملكية والبيروقراطية، إضافة إلى ضعف البنى التحتية الأساسية كالكهرباء والمياه.

كما تطرّق المشاركون إلى التفاوت الكبير في تكاليف الطاقة بين سوريا ودول الجوار، معتبرين أن ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز الصناعي يضعف تنافسية المنتجات المحلية، ما يستدعي إعادة هيكلة الرسوم الجمركية لحماية الصناعة الوطنية.

دور الدولة وتحديات الواقع السوري

ناقشت جلسة “خصوصية الواقع السوري” الدور المطلوب من الدولة في إدارة الأزمة العقارية، بمشاركة خميس المزروعي رئيس مكتب دولة الإمارات في الاتحاد العربي للاستثمار، وخالد المحروقي الرئيس التنفيذي لشركة مراسي العمانية القابضة، والخبير الإقليمي زيد الشيخ نجيب.

ورأى المتحدثون أن الحكومة مدعوة إلى مراجعة القوانين العقارية والاقتصادية المؤثرة في السوق، والتدخل عند الحاجة بإجراءات مالية أو تنظيمية للحد من الخسائر، مع الحفاظ على مستوى ثابت من النشاط العقاري لتجنّب تراجع الثقة في بيئة الاستثمار.

وأشاروا إلى أن معالجة الأزمة العقارية تتطلب خطة حكومية واضحة تشمل:

  • تنظيم السوق العقارية خلال الأزمات.

  • إنشاء محاكم عقارية متخصصة لحسم النزاعات بسرعة.

  • تحديث القوانين لضمان الشفافية وحماية المستثمرين.

  • رقمنة عمليات التوثيق والمعاملات العقارية.

  • توفير تمويل مصرفي مدروس لدعم المشاريع العقارية.

  • مراقبة المشاريع الكبرى لضمان استدامتها وتوافقها مع الخطط الوطنية.

المحور القانوني: إصلاحات وتشريعات جديدة

في جلسة مخصصة للمحور القانوني، ناقش المشاركون من الجهات الرسمية والخاصة، بينهم عبد الكريم إدريس المدير العام للمصالح العقارية، ومحمد مروان أورفه لي رئيس لجنة الاستثمار في غرفة تجارة دمشق، وفراس صنوفي رئيس مجلس التحكيم الدولي في دمشق، وكمال عدنان ملص من الاتحاد العربي للاستثمار، التحديات التشريعية التي تواجه القطاع العقاري.

وأكدت المداخلات ضرورة إجراء إصلاحات قانونية جذرية تشمل قوانين الاستثمار وحقوق الملكية والتطوير العقاري، مشددين على أن الاستقرار التشريعي شرط أساسي لجذب المستثمرين.

ومن أبرز المقترحات التي خرجت بها الجلسة:

  • إنشاء مراكز تحكيم عقارية وطنية بإدارة خبراء مختصين.

  • اعتماد عقود نموذجية واضحة تتضمن بنود التحكيم.

  • تدريب الكوادر السورية في مجالات التحكيم والعقود الإنشائية.

  • تحديث القوانين العقارية لتواكب متطلبات السوق الحديثة.

  • إصدار قانون للتحكيم العقاري ينسجم مع المعايير الدولية.

  • تعزيز التعاون مع الاتحاد العربي للاستثمار للاستفادة من التجارب الإقليمية الناجحة.

كما أشارت الجلسة إلى أن نحو 50% من المساكن في سوريا تحتاج إلى إعادة تأهيل أو تنظيم قانوني، ما يجعل إصدار تشريعات جديدة أكثر إلحاحًا.

تكلفة إعادة الإعمار

في سياق متصل، قدّر البنك الدولي تكلفة إعادة إعمار سوريا بنحو 216 مليار دولار، وفق تقرير صدر في 21 تشرين الأول الماضي، مشيرًا إلى أن النزاع تسبّب بتضرر ثلث رأس المال الثابت في البلاد بين عامي 2011 و2024.

ووفق التقرير، بلغت الأضرار المباشرة في البنى التحتية والمباني السكنية وغير السكنية نحو 108 مليارات دولار، بينها 52 مليار دولار للبنى التحتية، و33 مليار دولار للمباني السكنية، و23 مليار دولار لغير السكنية.

وتُعد محافظات حلب وريف دمشق وحمص الأكثر تضررًا، فيما قدّر التقرير إجمالي تكاليف إعادة الإعمار للأصول المادية المتضررة بما يتراوح بين 140 و345 مليار دولار.

وبينما يفتح ملتقى “آيريكس” الباب أمام نقاش موسّع حول مستقبل القطاع العقاري، يرى المشاركون أن الرهان الأكبر في المرحلة المقبلة هو على الإصلاح القانوني والاقتصادي، بما يتيح لسوريا بناء سوق عقاري متوازن قادر على جذب رؤوس الأموال وإطلاق عملية إعادة الإعمار بشكل فعّال ومستدام.

اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.