واشنطن تقترب من دمشق والشرع يستعد للانضمام إلى التحالف الدولي
تواصل واشنطن خطواتها المتسارعة نحو التقارب مع الحكومة السورية الانتقالية، في ظل تسريبات تشير إلى احتمال توقيع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع قرار انضمام سوريا إلى “التحالف الدولي“ لمحاربة تنظيم داعش، وذلك خلال زيارته المرتقبة إلى البيت الأبيض.
ووفق مصادر سياسية، فإن هذه الخطوة قد تمهّد لإنشاء أول قاعدة عسكرية أمريكية داخل مناطق سيطرة الحكومة السورية، بهدف تنسيق العمليات ضد خلايا التنظيم، ومراقبة الاتفاق الأمني المنتظر بين سوريا و“إسرائيل“.
انضمام دمشق إلى “التحالف الدولي“: تحوّل استراتيجي أم إعادة تموضع؟
في حال انضمام سوريا رسمياً إلى “التحالف الدولي“ الذي تقوده واشنطن منذ عام 2014، ستجد الحكومة الانتقالية نفسها أمام مسؤوليات مباشرة في مكافحة الإرهاب، بما في ذلك مواجهة التنظيمات المسلحة التي لا تزال تنشط في إدلب، مثل حراس الدين وفصائل تضم مقاتلين أجانب.
غير أن مراقبين يرون أن دمشق الانتقالية استغلت الإعلان المحتمل لتقوية موقفها في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الحليف الأبرز للتحالف منذ تأسيسه، معتبرةً أن الخطوة ستؤدي تدريجياً إلى تراجع الدعم الأمريكي لقسد لصالح الحكومة المركزية.
وفي الوقت نفسه، نفت وزارة الخارجية السورية ما نشرته وكالة رويترز حول نية واشنطن إقامة قاعدة عسكرية قرب دمشق، لكنها أكدت أن المرحلة الراهنة تشهد “تحولاً في الموقف الأمريكي نحو التعامل المباشر مع الحكومة السورية ودعم جهود توحيد البلاد ورفض مشاريع التقسيم”، مشيرةً إلى أن التعاون الجديد يشمل “نقل التفاهمات السابقة من الأجسام المؤقتة إلى دمشق في إطار تنسيق سياسي وعسكري واقتصادي مشترك”.
قسد: الانضمام للائتلاف لن يكون على حسابنا:
على الجانب الآخر، أكدت قوات سوريا الديمقراطية وقيادات الإدارة الذاتية أن انضمام دمشق إلى التحالف الدولي، في حال تمّ، لن يكون على حساب دورها الحالي في الحرب ضد الإرهاب، بل سيؤدي إلى توسيع مهامها الميدانية.
ووفق مصادر كردية، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي يسمح لقسد بتشكيل ثلاث فرق عسكرية جديدة في الحسكة ودير الزور والفرات (الرقة وعين العرب)، بينها لواء متخصص بمكافحة الإرهاب سيوسّع نطاق عمله على امتداد الأراضي السورية.
صالح مسلم: الشراكة مع دمشق ستعزز الحرب على الإرهاب:
وفي حديث خاص لصحيفة الأخبار، قال صالح مسلم، عضو الهيئة الرئاسية في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، إن هناك اتفاقاً دولياً بعد قمة شرم الشيخ على توحيد الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن دعوة أحمد الشرع إلى واشنطن تأتي “في إطار ضمّ سوريا رسمياً إلى التحالف الدولي ضد داعش”.
واعتبر مسلم أن هذه الخطوة “إيجابية”، لأنها “تدعم جهود قسد والإدارة الذاتية التي حاربت الإرهاب لسنوات طويلة”، مضيفاً أن “الشراكة بين دمشق وقسد ستجعل المهمة أكثر فاعلية”.
وأكد القيادي الكردي أن قسد ستكون حجر الزاوية في المرحلة المقبلة داخل “التحالف الدولي“، نافياً أن تكون الخطوة مقدمة لاستبدالها بالقوات الحكومية. وقال: “قوات سوريا الديمقراطية تمتلك خبرة كبيرة في محاربة داعش، بعد معاركها الطويلة في الرقة ودير الزور ومنبج، وهناك إدراك دولي لأهمية هذه الخبرات في المرحلة المقبلة”.
وأشار إلى أن القرار المحتمل سيوسّع مهام قسد المستقبلية في سوريا، لكنه شدّد على أن ذلك “سيحتاج إلى خطوات سياسية لاحقة، تتعلق بالاعتراف الرسمي بالإدارة الذاتية وتعزيز موقعها ضمن المشهد السوري العام”.
انفتاح مشروط ورسائل متبادلة:
تشير المعطيات إلى أن واشنطن تستخدم ملف “التحالف الدولي“ ضد الإرهاب كمدخل لإعادة رسم العلاقة مع دمشق الانتقالية، مع الحفاظ على توازن دقيق في العلاقة مع قسد.
وبينما ترى الحكومة السورية في التقارب الأمريكي فرصة لاستعادة الشرعية الدولية، يعتبره خصومها اختباراً جديداً لمدى قدرتها على إدارة الشراكات دون فقدان استقلال القرار الوطني.
إقرأ أيضاً: زيارة الشرع إلى واشنطن بين تثبيت الشرعية ومنطق الصفقات
إقرأ أيضاً: زيارة الشرع إلى نيويورك ضجيج دبلوماسي في الخارج وتعقيدات بلا حلول في الداخل: سورية إلى أين؟