حماة بين نار الغلاء والخوف: أزمة معيشية وأمنية تضرب المدينة والريف
تشهد محافظة حماة وريفها تفاقمًا حادًا في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية، حيث يواجه السكان ضغوطًا متزايدة جراء الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية، الخضروات، أجور المواصلات، والإيجارات.
هذا الواقع أثار استياءً واسعًا، خاصةً بين الموظفين، طلاب الجامعات، وذوي الدخل المحدود من العمال والحرفيين.
ركود اقتصادي وتأثير العملة
تعيش المدينة حالة من الركود الاقتصادي والشلل شبه التام في الحركة التجارية. العديد من المحال التجارية أغلقت أبوابها، والمتبقية تكاد تخلو من الزبائن، حيث يشتكي التجار من خسائر متراكمة وسوق لا يتحرك إلا للأساسيات.
وقد تفاقمت هذه الأزمة بسبب تخبط سعر صرف الليرة الوطنية، ما فتح الباب أمام استغلال بعض التجار والتلاعب بالأسعار.
شهادة تاجر: يقول محمود حاج، تاجر ألبسة، لموقع “الترا سوريا”: “ما في حركة أبدًا، الناس ما معها مصاري، والرواتب ما بتكفي شي… الناس ما بتشتري إلا الضروري: الأكل والخبز والغاز”.
معاناة الأهالي: تعبر سوسن عبارة من سكان حماة، عن “عجز شبه كامل عن تلبية الاحتياجات”، مشيرة إلى أن رواتب موظفي القطاع العام تتراوح بين 350 ألف ومليون ونصف المليون ليرة، وهي لا تكفي لتغطية الأسعار المرتفعة جدًا (كيلو الأرز فوق الـ20 ألف ليرة).
انفلات أمني وثلاثية الانقسام
يزداد الوضع تعقيدًا بسبب الانتشار المتزايد لحالات الانفلات الأمني والسرقات في الريف، وخصوصًا في ريف السلمية، ما أدى إلى فقدان الناس للأمان وتراجع النشاط الزراعي والتجاري.
هذا الفلتان الأمني بدأ يترك أثرًا عميقًا على النسيج الاجتماعي، حيث تظهر بوادر استقطاب طائفي ويزداد الحديث اليومي عن ثلاثية الانقسام والريبة والخوف، خاصة في الأرياف الغربية والشرقية.
شبح البطالة
تبرز البطالة كأحد أبرز مظاهر الأزمة، فالشباب العاطلون عن العمل في تزايد مستمر، والفرص محدودة جدًا، ما يدفع الكثير منهم إلى أعمال مؤقتة لا توفر الحد الأدنى للكرامة المعيشية.
يؤكد أحمد عفان، وهو شاب جامعي من ريف حماة، عدم تمكنه من إيجاد عمل بعد التخرج رغم المحاولات، مشيرًا إلى أن قلة الفرص تزيد من وطأة المعاناة.
غياب الحلول الجذرية والأمل المعقود
يرى الخبراء المحليون أن المشكلة تتجاوز المساعدات المحدودة التي تقدمها الجمعيات، وتحتاج إلى حلول جذرية تبدأ بإصلاح الوضع الأمني وضبط الأسعار، مرورًا بتوفير بيئة عمل واستثمار مشجعة.
وفي ظل فقدان الحضور المؤسسي في العديد من القرى، الذي جعلها تعتمد على المبادرات الذاتية والزعامات المحلية، يتضح أن الخروج من هذا المأزق يتطلب إرادة حقيقية لمعالجة جذور الأزمة.
يظل الأمل معقودًا على تحسن الأوضاع، خاصةً بعد انفراجة بسيطة شهدتها الفترة الأخيرة، لكن التحديات الأمنية والاقتصادية ما زالت تهدد بانهيار اجتماعي كامل وتفريغ المدينة من طاقتها الإنتاجية وشبابها.
اقرأ أيضاً:احتجاجات في حمص ودمشق وريف حماة رفضًا لرفع أسعار الكهرباء
اقرأ أيضاً:إلغاء عروض Styria الكوميدية في حماة يفتح ملف الرقابة وحرية التعبير..أين سوريا الجديدة؟