الجفاف يهدد الثروة الحيوانية في ريف الحسكة.. مربّو المواشي يبيعون قطعانهم لإنقاذ ما تبقّى

تشهد محافظة الحسكة وريفها خلال السنوات الأخيرة تراجعًا غير مسبوقًا في أعداد الأغنام والأبقار نتيجة موجات الجفاف المتكررة وشح الأمطار وارتفاع أسعار الأعلاف، ما جعل الثروة الحيوانية في شمال شرق سوريا أمام خطر حقيقي بالانهيار.

ويعاني مربّو المواشي في ريف الحسكة من صعوبات متزايدة في تأمين الأعلاف والمراعي الطبيعية، وسط غياب الدعم الحكومي وضعف الإمكانات، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى بيع جزء من قطعانهم لإطعام ما تبقّى منها في محاولة للبقاء على قيد الإنتاج.

الجفاف يلتهم القطعان وأسواق المواشي في ركود:

يقول مهند الكريص، أحد مربّي الأغنام في ريف الحسكة الجنوبي، إن سنوات الجفاف الأخيرة “قلبت حياة المربين رأسًا على عقب”، مضيفًا: “كنا نملك نحو 300 رأس غنم، لكن مع استمرار الجفاف بدأت المواشي تموت أو تضعف، واضطررنا لبيع نصفها لتأمين طعام النصف الآخر.”

وأوضح الكريص في حديثه لـ “نورث برس” أن أسعار الأعلاف تجاوزت طاقة المربين، حيث وصل سعر طن التبن إلى مليوني ليرة سورية، في حين تُباع المواشي بمليون ليرة فقط، مضيفًا: “من يملك 100 رأس يضطر لبيع 50 منها حتى لا تموت جوعًا. المربي هو الخاسر الوحيد في ظل غلاء الأعلاف وجشع التجار.”

وأشار إلى أن الأمراض المرتبطة بالجفاف أدت إلى خسائر كبيرة في القطعان، موضحًا أنه فقد العام الماضي 18 رأسًا من أغنامه بسبب نقص الأعلاف والأمراض الموسمية، محذرًا من أن استمرار الجفاف قد يؤدي إلى اندثار الثروة الحيوانية في المنطقة.

ارتفاع أسعار الأعلاف يهدد المربين بالعجز الكامل:

من جهته، قال عبد العزيز الصالح، وهو مربي مواشي من ريف تل تمر، إن صعوبة تأمين الأعلاف جعلت تربية المواشي شبه مستحيلة في ظل الأسعار المرتفعة.

ويقول: “شوال الشعير وصل إلى 800 ألف ليرة، والحنطة بالسعر نفسه تقريبًا، ولا يوجد أي دعم للمربين منذ سنوات”، مضيفًا أن تكلفة تربية الخراف الصغيرة تفوق عائد بيعها في السوق المحلي.

وأوضح الصالح أن غياب الدعم الرسمي يدفع المربين للاعتماد على السوق السوداء لتأمين الأعلاف، ما يزيد الأعباء المالية ويجعل الاستمرار في تربية المواشي شبه مستحيل إذا استمر الجفاف.

أسواق المواشي في تل تمر تشهد ركودًا حادًا:

وأكد علي عزو، دلال في سوق المواشي بتل تمر، أن السوق يعيش حالة ركود تام بسبب غلاء الأعلاف وشح الأمطار وإغلاق باب تصدير المواشي.

وقال لـ “نورث برس”: “كيلو الشعير وصل إلى 6 آلاف ليرة، والتبن إلى 2000، ولا توجد حركة بيع أو شراء. الجزارون يشترون بأسعار منخفضة ويبيعون اللحم بأكثر من 150 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد”، بحسب قوله.

أما راضي الأحمد، وهو دلال آخر في السوق ذاته، فبيّن أن أسعار المواشي تراجعت بشدة، إذ انخفض سعر بعض الأنواع إلى 400 ألف ليرة فقط، بينما تكلفة تربيتها تتجاوز مئات الآلاف. وأضاف أن غياب الرقابة سمح للجزارين بالتحكم بأسعار اللحوم رغم تدني أسعار شراء المواشي من المربين.

خطر انقراض الثروة الحيوانية في ريف الحسكة:

يحذر المربون من أن استمرار الجفاف وارتفاع الأسعار ينذران بانهيار الثروة الحيوانية في الحسكة، حيث يعتمد آلاف السكان على تربية الأغنام والأبقار كمصدر رزق أساسي.

ويرى خبراء اقتصاديون أن الوضع الحالي يتطلب تدخلاً عاجلاً من الجهات المعنية والمنظمات الزراعية لدعم المربين عبر توفير الأعلاف بأسعار مدعومة وإعادة تأهيل المراعي الطبيعية، تفاديًا لخسارة قطاع حيوي يشكل جزءًا أساسيًا من الأمن الغذائي في شمال شرق سوريا.

إقرأ أيضاً: الجفاف يهدد الزراعة في إدلب ويدفع المزارعين لطلب المساعدة

إقرأ أيضاً: تراجع إنتاج الزيتون في سوريا للنصف بسبب الجفاف

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.