رفع أسعار الكهرباء في سوريا يشعل موجة غلاء جديدة.. والقدرة الشرائية للمواطنين تتآكل
أثار قرار الحكومة السورية الانتقالية رفع أسعار الكهرباء في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي موجة من الجدل والقلق في الشارع السوري، بعد أن بلغت نسبة الزيادة نحو 60 بالمئة، وهي من أكبر الزيادات التي تشهدها البلاد منذ عقود، وفقًا للتصريحات الرسمية.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال ساعات:
بالتوازي مع القرار الحكومي، شهدت الأسواق السورية ارتفاعًا حادًا في أسعار المواد التموينية الأساسية، إذ سارع العديد من تجار التجزئة في دمشق وعدة محافظات إلى رفع الأسعار بنسبة تراوحت بين 20 و25 بالمئة بحسب نوع السلعة والمنطقة.
وسجّلت المواد الغذائية قفزات واضحة، حيث بلغ سعر كيلو البرغل الخشن نحو 10 آلاف ليرة سورية، والفاصولياء الحمراء 36 ألف ليرة، والحمص الحب 20 ألف ليرة، بينما ارتفع ليتر الزيت إلى 26 ألف ليرة، وعلبة الحلاوة (800 غرام) إلى 40 ألف ليرة، ما يعكس أثر القرار الحكومي المباشر على معيشة السوريين.
الحكومة تبرر الزيادة بإصلاح قطاع الطاقة:
تقول الحكومة إن تعديل التسعيرة يأتي في إطار إصلاح قطاع الكهرباء في سوريا، عبر تطبيق نظام شرائح يبدأ من دعم محدود للأسر ذات الاستهلاك المنخفض، وصولًا إلى تحميل المؤسسات العامة التكلفة التشغيلية الكاملة للطاقة الكهربائية.
وتهدف هذه الخطوة، وفق وزارة الكهرباء، إلى تقليص خسائر الدولة المقدّرة بمليارات الدولارات سنويًا، وتأمين الوقود اللازم لتشغيل المحطات وتحسين ساعات التغذية الكهربائية في البلاد.
تأثير مباشر على المستهلكين والقطاعات الصناعية:
ورغم الطابع “الإصلاحي” للقرار، إلا أن مراقبين يرون أن الأثر الفعلي على المستهلكين كان فوريًا وثقيلًا.
وأوضح عبد الرزاق حبّزة، أمين سر جمعية حماية المستهلك في دمشق، أن الصناعات الثقيلة مثل الحديد والصلب ستكون الأكثر تضررًا من الزيادة، بينما ستتأثر قطاعات أخرى بدرجات متفاوتة.
وأضاف حبّزة أن الارتفاع الفعلي لتكاليف الطاقة لا يتجاوز 8 بالمئة في معظم الصناعات، لكن بعض التجار استغلوا القرار لرفع الأسعار بنسبة أكبر بكثير في ظل ضعف الرقابة التموينية.
أزمة معيشية ودخل متآكل:
يتزامن القرار مع تدهور الوضع المعيشي في سوريا، حيث تراجع متوسط دخل الفرد السنوي إلى أقل من 830 دولارًا، فيما يعيش أكثر من 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، وفق تقارير اقتصادية.
ويرى خبراء أن موجة الغلاء الحالية ليست فقط نتيجة رفع أسعار الكهرباء، بل تتغذى على ضعف الرقابة الحكومية، واحتكار بعض السلع الأساسية، وتعثر سلاسل التوريد والاستيراد.
دعوات لحلول واقعية ودعم مباشر للمستهلكين:
تعهدت الحكومة الانتقالية السورية بتكثيف الرقابة على الأسواق ومنع التجار من استغلال القرار، إلا أنها تواجه تحديات هيكلية، أبرزها ضعف آليات المتابعة الميدانية، وصعوبة ضبط الأسعار في جميع المحافظات.
ويؤكد محللون اقتصاديون أن تجاوز الأزمة يتطلب إجراءات شفافة لتعزيز الإنتاج المحلي، خصوصًا في الزراعة والصناعات الغذائية، إضافة إلى برامج دعم مباشر لذوي الدخل المحدود، كمنح خصومات على فواتير الكهرباء أو إعانات نقدية.
ويحذر الخبراء من أن تجاهل هذه الخطوات قد يجعل رفع الأسعار خطوة إضافية في مسار تآكل القدرة الشرائية بدلًا من أن يكون جزءًا من إصلاح اقتصادي مستدام.
إقرأ أيضاً: ارتفاع أسعار الكهرباء يهدد بزيادة 8% في الأسعار.. وجمعية حماية المستهلك تطالب بضبط السوق
إقرأ أيضاً: زيادة أسعار الكهرباء في سوريا… واقع مرير وأزمات متتالية