تقرير حقوقي: أكثر من 9 آلاف قتيل في سوريا خلال 2025 رغم التغيير السياسي

كشف تقرير حديث صادر عن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن عام 2025 شهد استمرارًا واسعًا للانتهاكات الجسيمة في سوريا، على الرغم من مرور أكثر من عام على سقوط نظام بشار الأسد، وما رافق تلك المرحلة من وعود سياسية وإعلامية بفتح صفحة جديدة تقوم على احترام حقوق الإنسان وإنهاء حقبة طويلة من العنف والانتهاكات.

وبحسب التقرير الصادر اليوم الأربعاء، فإن المعطيات الميدانية الموثقة خلال العام الماضي تشير إلى أن التحول السياسي الذي شهدته البلاد لم ينعكس بشكل ملموس على واقع الحماية الحقوقية، إذ استمرت الانتهاكات بأشكال متعددة، مع تغيّر الجهات الفاعلة وتبدل مسمياتها، بينما بقي المدنيون الطرف الأكثر تضررًا في ظل غياب آليات فعالة للمساءلة والرقابة.

أرقام الضحايا خلال 2025

وثق “المرصد السوري لحقوق الإنسان” مقتل 9,272 شخصًا في مختلف المناطق السورية خلال عام 2025، بينهم 7,087 مدنيًا، من ضمنهم 504 أطفال و550 امرأة. وأكد التقرير أن هذه الأرقام تمثل الحد الأدنى من الضحايا الذين أمكن توثيقهم، في ظل صعوبات كبيرة تواجه عمليات الرصد، وخشية العديد من الشهود والضحايا من الإدلاء بشهاداتهم.

وأوضح التقرير أن الضحايا المدنيين سقطوا نتيجة أنماط متعددة من الانتهاكات، من بينها الإعدامات الميدانية، وجرائم القتل المباشر، والرصاص العشوائي، والانفجارات الناجمة عن مخلفات الحرب والعبوات الناسفة، إضافة إلى التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، وهجمات نُسبت إلى تنظيمات متطرفة، وقصف إسرائيلي، فضلًا عن حوادث إطلاق نار نفذتها جهات مختلفة.

أنماط متكررة من الانتهاكات

وأشار “المرصد السوري” إلى أن عام 2025 شهد استمرار أنماط جسيمة من الانتهاكات، شملت القتل خارج نطاق القانون، والتصفيات ذات الخلفيات الانتقامية أو الطائفية والمناطقية، إلى جانب الاعتقال التعسفي، والتعذيب وسوء المعاملة داخل مراكز الاحتجاز، التي أدت في بعض الحالات إلى الوفاة.

كما وثق التقرير حالات إخفاء قسري، وعمليات اختطاف، واعتداءات جنسية طالت نساء من مكونات سورية مختلفة، إضافة إلى سقوط ضحايا بسبب مخلفات الحرب غير المنفجرة، والعمليات العسكرية والأمنية، والهجمات التي نفذتها خلايا تابعة لتنظيمات متطرفة.

واعتبر المرصد أن الطابع المتكرر والنمطي لهذه الانتهاكات يعكس استمرار حالة الإفلات من العقاب، وغياب إجراءات ردع فعالة قادرة على الحد من هذه الممارسات.

ما بعد سقوط النظام السابق

وبحسب التقرير، اتسمت المرحلة التي أعقبت سقوط النظام السوري السابق بتراجع دور السلطة المركزية في عدد من المناطق، مقابل صعود قوى محلية وتشكيلات أمنية وعسكرية جديدة، مارست أدوارًا مشابهة لتلك التي سادت خلال سنوات النزاع السابقة.

وأشار المرصد إلى أن هذا التحول أسهم في انتقال العنف من نمط مركزي منظم إلى عنف محلي متشظٍ، تغلب عليه الدوافع الانتقامية، وتداخلت فيه النزاعات الأمنية مع الخلافات المجتمعية والشخصية، ما أدى إلى تعقيد المشهد الحقوقي وتوسيع دائرة الضحايا.

وأضاف أن غياب الرقابة القضائية والمؤسسية الفاعلة في عدد من المناطق صعّب من عمليات التوثيق والمساءلة، وترك المدنيين عرضة لانتهاكات متكررة من أطراف متعددة.

استمرار الاحتجاز والتعذيب

ورغم اختفاء بعض السجون التي ارتبط اسمها بانتهاكات واسعة في السنوات السابقة، أكد “المرصد السوري” توثيق استمرار ممارسات مشابهة داخل مراكز احتجاز جديدة، شملت التعذيب الجسدي والنفسي، والإهمال الطبي، ومنع الزيارات، ما أدى في بعض الحالات إلى تدهور الحالة الصحية للمحتجزين ووفاتهم.

وأوضح التقرير أن هذه الانتهاكات تعكس استمرار ذهنية أمنية قائمة على القمع، حتى في ظل المتغيرات السياسية، وهو ما يفاقم معاناة الضحايا ويقوض فرص تحقيق العدالة الانتقالية.

دعوات للمساءلة وحفظ الذاكرة

وشدد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” على أن توثيق هذه الانتهاكات لا يهدف إلى إصدار أحكام قضائية، بل إلى وضع الضحايا في صلب الاهتمام، وحفظ الذاكرة الجماعية للسوريين، باعتبار أن التوثيق يشكل خطوة أساسية على طريق المساءلة ومنع الإفلات من العقاب.

ودعا التقرير إلى إحالة مرتكبي الجرائم إلى المحاكم الدولية، وتعزيز آليات التحقيق المستقلة، وضمان إدراج ملف حقوق الإنسان كعنصر محوري في أي مسار سياسي أو تفاوضي يتعلق بمستقبل سوريا، مؤكدًا أن حقوق الضحايا لا تسقط بالتقادم، وأن التوثيق سيبقى شاهدًا على الحقيقة مهما طال الزمن.

اقرأ أيضاً:توغلات واعتقالات.. انتهاكات إسرائيلية متواصلة جنوبي سوريا

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.