اعتقالات في صفوف العلويين تثير الجدل: ازدواجية أمنية وقمع للمظاهرات السلمية في الساحل السوري
شهدت مناطق الساحل السوري، ولا سيما مدينتي طرطوس واللاذقية، موجة اعتقالات واسعة طالت شخصيات علويّة بارزة وعشرات المواطنين، على خلفية مشاركتهم في مظاهرات سلمية دعت إليها شخصيات دينية واجتماعية، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، وإعادة المفصولين، وضمان الحقوق المشروعة للمجتمع المحلي، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ومن بين المعتقلين، رئيس المجلس العلوي في طرطوس، ورئيس المجلس العلوي في اللاذقية، إضافة إلى الكاتب أكثم ديب، في خطوة أثارت انتقادات واسعة وفتحت باب التساؤل حول معايير العدالة وتطبيق القانون في سوريا.
تساهل مع المحرضين مقابل قمع المحتجين:
وقال المرصد السوري: “في المقابل، لم تُسجَّل أي تحركات أمنية تُذكر بحق أشخاص ومجموعات مسلحة ظهروا علنًا بالصوت والصورة وهم يهددون ويشتمون أبناء الطائفة العلوية، ويطلقون خطابًا تحريضيًا طائفيًا مع إعلان ولائهم للسلطة، دون أن يخضعوا لأي مساءلة قانونية“.
ويرى المرصد أن هذا التباين في التعامل الأمني يعكس سياسة انتقائية واضحة، تقوم على قمع الأصوات السلمية المعارضة، مقابل غضّ الطرف عن المحرّضين المحسوبين على السلطة، ما يعمّق الشعور بالظلم ويقوّض الثقة بالمؤسسات.
حظر تجوال وانتشار أمني في اللاذقية:
وشهدت مدينة اللاذقية يوم أمس انتشارًا أمنيًا كثيفًا عقب دخول قرار قيادة الأمن الداخلي بفرض حظر تجوال حيّز التنفيذ، وذلك بعد أعمال عنف وفوضى رافقت المظاهرات التي دعا إليها الشيخ غزال غزال، وشارك فيها أبناء الطائفة العلوية.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، انتشرت الحواجز الأمنية في عدد من أحياء المدينة، مع تسيير دوريات مكثفة، وسط أجواء من التوتر، عقب تسجيل احتكاكات وأعمال تخريب متفرقة خلال وبعد المظاهرات.
تخريب ونهب على خلفية طائفية:
وأفادت مصادر محلية وشهود عيان بأن مدينة اللاذقية شهدت مساء الاثنين موجة فوضى تحولت إلى أعمال تخريبية واسعة، نفذتها مجموعات من مؤيدي السلطة الانتقالية، وجميعهم من أبناء المحافظة، على خلفية طائفية وانتقامية مرتبطة بالمظاهرات السلمية التي جرت يوم الأحد 28 كانون الأول/ديسمبر 2025.
وبحسب المصادر، جابت هذه المجموعات الأحياء ذات الغالبية العلوية، متنقلة على دراجات نارية وسيارات، وبعضها سيرًا على الأقدام، وهي تحمل أدوات حادة، مرددة شتائم وتهديدات بحق السكان.
أضرار جسيمة في الممتلكات العامة والخاصة:
ولم تقتصر أعمال التخريب على تدمير الممتلكات الخاصة، بل طالت مرافق عامة ومحلات تجارية، لا سيما متاجر الهواتف المحمولة، إضافة إلى تكسير زجاج السيارات وسرقة محتوياتها وإحراق بعضها بشكل عشوائي.
وتشير المعطيات إلى أن هذه الأحداث لم تكن ردّة فعل عفوية، بل جاءت بدوافع انتقامية، وأسفرت عن أضرار مادية كبيرة، في ظل وجود عناصر من الأمن العام لم يتمكنوا من السيطرة على الوضع، ما ساهم في تصعيد الفوضى.
تساؤلات حول العدالة والمساواة:
وبحسب المرصد السوري، تطرح هذه التطورات تساؤلات جوهرية حول معايير تطبيق القانون في سوريا، وما إذا كان الولاء السياسي قد أصبح شرطًا للحماية والمساءلة، في وقت يُقابل فيه أي تحرك سلمي بالقمع والاعتقال.
ويرى المرصد أن استمرار هذه السياسات لا يهدد فقط السلم الأهلي، بل يعزز الانقسام المجتمعي ويدفع البلاد نحو مزيد من عدم الاستقرار.
إقرأ أيضاً: الساحل السوري: فصل 1200 موظف بقرارات غير رسمية خلال شهر كانون الأول
إقرأ أيضاً: حملات اعتقال وفوضى أمنية في الساحل السوري وحظر تجوال ليلي في اللاذقية