سوريا 2025: ساحة مفتوحة لتنافس النفوذ الإقليمي والدولي بعد سقوط الأسد

لم تدخل سوريا عام 2025 بوصفها دولة خرجت من حقبة سياسية لتدخل أخرى، بل كمساحة جيوسياسية مفتوحة على صراع خرائط ومصالح متشابكة، حيث لم يؤدِّ سقوط نظام الأسد إلى إنهاء الصراع بقدر ما أعاد إنتاجه بصيغ جديدة.

في هذا المشهد الانتقالي الهش، تتقاطع حسابات القوى الدولية مع رهانات اللاعبين الإقليميين، لتتحول البلاد إلى ساحة تنافس تحكمه موازين القوة لا مسارات الحل التقليدية.

إقرأ أيضاً: بانوراما السياسة الخارجية السورية 2025

إقرأ أيضاً: سوريا 2025: عندما يتحوّل الخطاب الطائفي إلى جمر تحت الرماد

إقرأ أيضاً: كيف أضاع تفكيك الجيش بوصلة الأمن في سوريا خلال 2025؟

إقرأ أيضاً: رفع العقوبات: من العزلة الدولية إلى الانفتاح المشروط

أولاً: دمشق بين خرائط واشنطن ومخاوف تل أبيب:

على الرغم من التحالف التاريخي، يبدو أن هناك صِداماً ناعماً بين الخرائط الأمريكية والمخاوف الإسرائيلية؛ فواشنطن تنظر للحكومة الانتقالية كشريك ضروري لمكافحة الإرهاب وتدفع نحو “مركزية مرنة” تحفظ وحدة الأراضي.

في المقابل، تشكك إسرائيل في “براغماتية” الحكم الجديد وتدعم النزعات الانفصالية لخلق كانتونات حاجبة.

هذا التباين يضع دمشق بين سندان الاستباحة الإسرائيلية ومطرقة الطموح الأمريكي لإعادة هندسة المنطقة.

ثانياً: تركيا وإسرائيل.. تنافس القوة على أرض رخوة:

في شمال سوريا وجنوبها، يتبلور شكل جديد من الصراع غير المباشر؛ فأنقرة التي ترى في سوريا امتداداً لأمنها القومي، تسعى لتثبيت حضور طويل الأمد عبر دعم هيكلة الجيش السوري الجديد لضمان استقرار حدودها.

في المقابل، تتحرك إسرائيل على قاعدة مختلفة: لا إدارة مباشرة للأرض، بل إعادة تشكيل البيئة الأمنية بالقوة، ومنع أي لاعب من التحول إلى تهديد مستقبلي.

هذا التنافس يخلق “أجواء ملغومة” قابلة للانفجار، حيث تتقاطع خطوط النفوذ دون قواعد اشتباك واضحة.

ثالثاً: السعودية.. بوصلة الدمج العربي وموازنة الأقطاب:

وسط هذا الضجيج العسكري، تبرز الرياض كقائد لـ “هندسة الاستقرار” الدبلوماسي، واضعةً ثقلها لرفع العزلة الدولية عن دمشق.

لا يتحرك القرار السعودي من منطلق الدعم التقليدي فحسب، بل يسعى لفرض توازن يقطع الطريق على انفراد القوى الإقليمية بالقرار السوري، ويضمن تصفية ملفات التهديد الأمني كـ “تجارة الكبتاغون”.

ومن خلال الاستثمارات الضخمة، تحاول السعودية إعادة تموضع دمشق ضمن منظومة العمل العربي، وإيجاد حالة من التوازن بين الطموحات المتصادمة فوق الخارطة السورية.

رابعاً: الإمارات والعودة الهادئة إلى المشهد السوري:

بموازاة ذلك، تبرز الإمارات كلاعب يتقن فن “الموازنة الهادئة”. تبتعد أبو ظبي عن الصدام العسكري المباشر، وتركز استراتيجيتها على تقليل المخاطر عبر قنوات تواصل مع مختلف المكونات السورية، لا سيما في الساحل.

تستفيد الإمارات من علاقاتها الإقليمية المتشعبة بما في ذلك ورقة التطبيع، لتلعب دور الوسيط الأمني والسياسي، محاولةً منع انفراد أقطاب محددة بالملف السوري، مع التركيز على ملفات إعادة الإعمار والتوازنات الاجتماعية العميقة.

خلاصة المشهد:

إن سوريا 2025 هي الميدان الذي تُختبر فيه قدرة القوى الإقليمية على التعايش؛ فبين “هندسة” واشنطن، و”قلق” تل أبيب، و”طموح” أنقرة، و”توازن” الرياض، و”حذر” أبو ظبي، يبقى قرار السيادة السورية رهيناً بمدى قدرة دمشق على المناورة وسط هذه الأجواء الملغومة بالخرائط المتعارضة.

إقرأ أيضاً: الاقتصاد السوري في 2025: رمال متحركة بين التعافي الهش والتحديات العميقة

إقرأ أيضاً: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا بعد سقوط النظام السابق

إقرأ أيضاً: سوريا 2025: عام الفجوة بين الخطاب والواقع

إقرأ أيضاً: السياسة الداخلية في سوريا خلال عام 2025

إقرأ أيضاً: الانتهاكات خلال عام الانتقال السياسي

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.