أصدرت وزارة الطاقة السورية قرارًا بخصوص تعديل تعرفة مبيع الكهرباء للمشتركين في القطاعين العام والخاص المعفيين كليًا أو جزئيًا من التقنين، ويبدأ تطبيقه اعتبارًا من مطلع تشرين الثاني 2025. القرار شمل رفع الأسعار بشكل حاد في إطار خطة إصلاح قطاع الكهرباء، وهو ما أثار استياءً واسعًا لدى شرائح واسعة من المواطنين، الذين اعتبروا القرار عبئًا إضافيًا على كاهلهم في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانون منها.
تفاصيل القرار الجديد:
بحسب القرار الجديد، تم تقسيم تعرفة الكهرباء إلى أربع شرائح تتفاوت بناءً على الاستهلاك والفئة المستفيدة:
الشريحة الأولى (المدعومة): لأصحاب الدخل المحدود الذين يستهلكون أقل من 300 كيلو واط كل شهرين، بسعر 600 ليرة سورية للكيلو واط.
الشريحة الثانية: لأصحاب الدخل المتوسط والمشاريع الصغيرة الذين يتجاوز استهلاكهم 300 كيلو واط، بسعر 1.400 ليرة سورية للكيلو واط.
الشريحة الثالثة (المُعفاة من التقنين): تشمل الجهات الحكومية والشركات والمصانع العاملة على مدار الساعة، بسعر 1.700 ليرة سورية للكيلو واط.
الشريحة الرابعة: تخص المعامل والصناعات ذات الاستهلاك العالي مثل معامل الصهر، بسعر 1.800 ليرة سورية للكيلو واط.
تُعزى هذه الزيادة إلى ضمان استمرارية التيار الكهربائي، وتقليل الفاقد النقدي، وتعزيز قدرة التوليد والتغذية في البلاد، وفقًا لما أعلنته وزارة الطاقة.
ردود فعل المواطنين: هل القرار في مصلحة الشعب؟
القرار الذي تم اتخاذه لم يلقَ قبولًا في الأوساط الشعبية، حيث عبر العديد من المواطنين عن غضبهم واستيائهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، وأكدوا أن القرار يزيد من معاناتهم الاقتصادية بدلاً من تحسين الأوضاع المعيشية.
أحد المواطنين علق على القرار قائلاً: “بهيك أسعار ما بدنا نزيد ساعات التغذية. من وين الناس تجيب مصاري وتدفع للكهرباء؟”. بينما أشار آخر إلى الفارق الكبير بين رواتب الموظفين في سوريا وأسعار الكهرباء، موضحًا أن: “موظف راتبه مليون وبيته بالايجار، وعنده أولاد بالمدارس والجامعات، وفاتورة الكهرباء فوق 500,000 ليرة. هذا بدون أكل وشرب وطبابة، يعني كيف بدو يعيش؟”.
دوافع القرار ونتائجه المزعومة:
في الوقت الذي أكد فيه مسؤولو وزارة الطاقة أن رفع الأسعار يهدف إلى تأمين استمرارية الخدمة وجودتها، واعتبر البعض أن الهدف من القرار هو تحسين وضع القطاع الكهربائي في البلاد، ترى شريحة واسعة من المواطنين أن القرار يعد مجحفًا بحقهم، ويضعهم أمام خيارات صعبة، بل مستحيلة في بعض الحالات.
المحامي باسل سعيد مانع من جهته، انتقد القرار في رسالة وجهها إلى رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، حيث قال: “من كان يستهلك 800 كيلوواط ويدفع 15,300 ليرة، سيدفع اليوم 880 ألف ليرة، وهذا أمر غير منطقي وغير مبرر اقتصادياً”. وتساءل عن الأوضاع المعيشية التي يواجهها المواطن السوري في ظل هذه الزيادة، مشيرًا إلى أن القرار قد يؤدي إلى “زيادة الأعباء على الفقراء ويضر بالطبقات المتوسطة”.
الواقع المعيشي في سوريا يشهد منذ سنوات تدهورًا كبيرًا، حيث ارتفعت الأسعار بشكل جنوني لأغلب المواد الأساسية، بما فيها الخبز والمشتقات النفطية. وبدلاً من أن تقدم الحكومة حلولًا عاجلة لتخفيف هذا العبء، يأتي قرار رفع أسعار الكهرباء ليزيد الأمور تعقيدًا. الأمر الذي دفع العديد من المواطنين للحديث عن “كارثة اقتصادية” على الأبواب.
هل يعكس القرار واقع المواطنين؟
الشكاوى التي نشرها المواطنون على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر استياءً واضحًا من القرار، حيث أكد العديد منهم أن هذا التعديل في الأسعار غير عادل وغير مدروس. “رفعتم سعر الخبز وبعد تسعة أشهر فكرتم في زيادة رواتب العالم، واليوم ترفعون أسعار الكهرباء قبل تحسين الوضع المعيشي. هذه كارثة!”، بحسب ما قاله أحد المواطنين في تعليقه.
ويشعر السوريون أن الحكومة تستمر في اتخاذ قرارات لا تعكس حقيقة أوضاعهم المعيشية، وتؤدي إلى مزيد من الضغط على الطبقات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة، دون أن تتحقق أي نتائج إيجابية في مستوى الخدمات أو تحسين الدخل.
المستقبل المجهول في انتظار المواطن:
في خضم هذه الأوضاع المتدهورة، يبدو أن المواطن السوري يقف أمام سلسلة من التحديات التي تبدأ من ارتفاع الأسعار ولا تنتهي عند تعرفة الكهرباء. ومع قدوم فصل الشتاء، الذي يتطلب من الناس مزيدًا من الطاقة للتدفئة، يبقى السؤال الأكبر: هل ستستمر الحكومة في فرض هذه القرارات، أم ستتراجع أمام ضغوط الشارع؟
إن القرار الأخير لرفع أسعار الكهرباء في سوريا يُظهر مرة أخرى الفجوة الكبيرة بين الدولة والمواطن، ويثير تساؤلات عديدة حول جدوى هذه القرارات في تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن السوري اليوم.
الخلاصة:
بينما تُعتبر “إصلاحات قطاع الكهرباء” هدفًا طويل الأمد في تحسين البنية التحتية للطاقة، يبقى المواطن السوري في مأزق حقيقي بسبب التضخم المستمر في الأسعار الذي لا يتواكب مع زيادة الرواتب أو تحسين ظروف العمل. قد يكون الوقت قد حان لإعادة التفكير في هذه السياسات والبحث عن حلول أكثر توازنًا تأخذ بعين الاعتبار وضع المواطنين الأكثر تأثرًا بهذه القرارات.
إقرأ أيضاً: ارتفاع بأسعار الكهرباء في سوريا: تعرفة جديدة بأربع شرائح تبدأ في تشرين الثاني 2025
إقرأ أيضاً: سعر صرف الدولار في سوريا يتجاوز الـ12 ألف ليرة: ارتفاع الأسعار وتهديدات بتضخم جديد
 
			 
				