القنيطرة – طلاب مدينة السلام بين تحديات الاحتلال والواقع التعليمي

تواجه العملية التعليمية في محافظة القنيطرة، وخصوصاً في مدينة السلام، سلسلة من التحديات التي تتداخل فيها العوامل الأمنية والبنيوية، إذ تعيق ممارسات الاحتلال الإسرائيلي حركة الطلاب القادمين من القرى الجنوبية، في وقت تحاول فيه الجهات التعليمية والمجتمع المحلي تحسين ظروف التعليم ومواصلة الدراسة رغم الصعوبات.

الاحتلال يعرقل طريق العلم

يُعدّ الوصول إلى مدينة السلام بالنسبة لطلاب القرى الجنوبية مثل بريقة، بئر عجم، الحميدية، الصمدانية، والرواضي، رحلة محفوفة بالمخاطر اليومية، نتيجة نقاط التفتيش والحواجز الإسرائيلية التي تُنصب بشكل متكرر في المنطقة.

تقول مديرة ثانوية السلام لموقع تلفزيون سوريا إن الاحتلال “يقطع أحياناً الطرق المؤدية إلى المدينة، ما يمنع الطلاب من الوصول أو يتسبب في تأخرهم عن الدوام”.

أما مديرة مدرسة غالية فرحات، الأستاذة شمس، فتشير إلى ممارسات أكثر استفزازاً، موضحة أن “جنود الاحتلال يعرضون أحياناً طعاماً على الطلاب، وعندما يرفضون تناوله، يمنعونهم من متابعة طريقهم”، الأمر الذي يؤدي إلى اضطراب حضورهم وتأثر تحصيلهم العلمي.

وتتحدث أم ساشا، من بلدة بريقة، عن معاناة ابنها قائلة: “اضطر يترك المدرسة أسبوع كامل لأن الطريق كانت مقطوعة، وكل يوم كنا ننتظر إذا فتحوها أو لا”، بينما يروي الطالب ناورز من بئر عجم أن “الجنود يوقفونه أحياناً أثناء الذهاب إلى المدرسة، وإذا رفض الحديث معهم أو أخذ شيء منهم يمنعونه من المتابعة”.

هذه الشهادات توضح جانباً من التحديات الأمنية التي يعيشها الطلاب يومياً، حيث يتحول الطريق إلى المدرسة إلى اختبار للصبر والخوف في آن واحد.

جهود لتحسين بيئة التعليم

رغم الظروف الصعبة، تشهد مدارس مدينة السلام تحسناً تدريجياً، مع افتتاح مدارس جديدة وترميم أخرى لتخفيف الضغط عن المؤسسات المركزية. وتشير مديرة مدرسة غالية فرحات إلى أنه “تم حل مشكلة نقص معلمي اللغة الإنكليزية مؤخراً بالتنسيق مع مديرية التربية”، لكنها تضيف أن “النقص في المستخدمين والخدمات اللوجستية ما يزال يؤثر على النظافة والصيانة اليومية”.

يقول أبو جعفر، أحد سكان المدينة، إن “المدارس عم تتحسن بس في نقص بالكوادر الكفوءة، خصوصاً بالمواد العلمية”، بينما تعلّق منى، والدة طالبة في الإعدادية، بأن “المدرسة جيدة، لكن أحياناً تغيب بعض المواد لعدم توفر المدرسين، وهاد بيخوفنا على مستقبل أولادنا”.

من جانبهم، يعبّر الطلاب عن طموحاتهم بتطوير التعليم من خلال أنشطة ودعم نفسي أكبر، كما قال الطالب رامي من الصف التاسع: “بدنا نحس إنه المدرسة مكان نرتاح فيه مو بس ندرس فيه”.

الدروس الخصوصية كحل مكلف

نتيجة النقص في بعض التخصصات، وخاصة في اللغات والعلوم، يلجأ عدد من الأهالي إلى الدروس الخصوصية لتعويض النقص، رغم ارتفاع تكلفتها بالنسبة للأسر محدودة الدخل. وتسعى الجهات التعليمية لتعويض هذا النقص عبر دورات تدريبية للمدرسين وتحسين الكفاءة التدريسية، غير أن استقرار الكادر يبقى تحدياً مستمراً بسبب الأوضاع الأمنية وصعوبة التنقل.

التعليم العالي بين الإصرار والعوائق

في التعليم الجامعي، تواصل كليات مدينة السلام، مثل كلية التربية وكلية الآداب والعلوم، استقبال الطلاب من مختلف مناطق المحافظة، لكن العقبات الأمنية وارتفاع أجور النقل يشكلان عائقاً أمام الانتظام الدراسي.

تقول الطالبة شهد من بلدة الرفيد: “أجرة الطريق صارت ضعف، وما عاد أقدر أداوم كل يوم، فحولت للدراسة عن بعد”، فيما يصرّ الطالب سامر من رويحينة على الحضور اليومي رغم المخاطر: “الطريق خطر بس ما بدي أترك جامعتي”.

وتبذل الكوادر التدريسية جهوداً إضافية لتخفيف أثر هذه التحديات من خلال المحاضرات الإلكترونية وتقديم تسهيلات للطلاب المتأخرين بسبب الظروف الأمنية.

مبادرات محلية وصمود مجتمعي

تحاول وزارة التربية والتعليم دعم الواقع التعليمي في القنيطرة عبر تأمين الكوادر وترميم المدارس، في حين يشارك المجتمع المحلي في مبادرات تطوعية لتقديم دروس مجانية ومساعدة الطلاب المحتاجين.

ورغم كل العقبات، يواصل أبناء مدينة السلام دراستهم بإصرار لافت، مدفوعين بإيمانهم بأهمية التعليم كطريق لبناء مستقبل أفضل، حتى في ظل الحصار والتهميش والاحتلال.

ويختتم أحد المدرسين حديثه بالقول: “الاحتلال يحاول أن يقطع طريقهم نحو العلم، لكن إرادة الطلاب أقوى، والتعليم بالنسبة لهم ليس مجرد حق، بل مقاومة بصمت”.

اقرأ أيضاً:الاضطرابات في سوريا: أكثر من 430 ألف شخص فرّوا بسبب العنف الطائفي والاحتلال الإسرائيلي

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.