أزمة الرواتب التقاعدية في الحسكة.. معاناة تتجدد مع كل قرار إداري
تتجدد معاناة آلاف المتقاعدين في محافظة الحسكة مع كل قرار إداري جديد يتعلق بآلية صرف الرواتب، إذ فوجئ كثيرون مؤخرًا بوقف رواتبهم التقاعدية بحجة عدم استلامها لعدة أشهر متتالية، ما أثار موجة من الغضب في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة وتكاليف السفر المرتفعة.
جذور الأزمة
منذ إغلاق المؤسسات الحكومية في الحسكة، اضطر المتقاعدون إلى السفر نحو دير الزور أو محافظات أخرى لاستلام رواتبهم. لكن قرار مؤسسة التأمينات الاجتماعية بوقف صرف الرواتب لكل من لم يتسلّم معاشه لثلاثة أشهر متواصلة، جعل الآلاف بلا مورد مالي، بعد أن كانوا يؤجّلون السفر شهرين أو أكثر لتخفيف كلفة المواصلات التي تصل إلى 100 ألف ليرة في الرحلة الواحدة، مقابل راتب لا يتجاوز 300 ألف ليرة للمتقاعد، أو 150 ألفًا لورثة المتوفى.
أعباء إضافية
تطبيق القرار فتح الباب أمام سلسلة من التعقيدات الإدارية، حيث بات على المتقاعد المتوقف راتبه استخراج وثائق جديدة مثل البيان العائلي و”لا قيد راتب” ووكالة قانونية حديثة، ما يستلزم نفقات إضافية أو سفرًا إلى دمشق بتكاليف قد تصل إلى 600 ألف ليرة، أي ضعف قيمة الراتب. وفي حال تعذّر ذلك، يجد الكثيرون أنفسهم مضطرين للتعامل مع سماسرة وموظفين فاسدين.
موقف التأمينات
مصدر في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أوضح لـ”الترا سوريا” أن القرار قديم ويعود إلى عهد النظام السابق، لافتًا إلى ثلاثة أسباب رئيسية لإيقاف الرواتب:
التحديث الدوري للملفات كل سنتين أو ثلاث سنوات، وقد أُلغي هذا الشرط بالنسبة لمتقاعدي الحسكة.
عدم استلام الراتب لشهرين أو ثلاثة متتالية، حيث يتوقف الصرف مؤقتًا حتى المراجعة.
أما المتقاعدون قبل عام 1987، فلم يتم إيقاف رواتبهم وفق هذه البنود.
بين القرارات والواقع
رغم التوضيحات الرسمية، يرى ناشطون أن هذه الإجراءات لا تتناسب مع واقع الحسكة، حيث يواجه المتقاعدون أعباء السفر الباهظة والمعاملات المرهقة. ويؤكدون أن المؤسسة سبق واستثنت متقاعدي المحافظة من هذه القرارات في النصف الأول من عام 2025، الأمر الذي يثير تساؤلات عن أسباب العودة لتطبيقها الآن.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل ستتمكن الجهات المعنية من إيجاد حل جذري يضمن وصول الرواتب التقاعدية إلى مستحقيها داخل الحسكة؟ أم أن المتقاعدين سيظلون عالقين بين البيروقراطية وقرارات تتجاهل واقعهم اليومي؟
اقرأ أيضاً:أزمة المياه في الحسكة: اجتماعات دولية لإنقاذ محطة علوك
اقرأ أيضاً:موازنة 2026: نقلة نوعية نحو الاستثمار وتحسين الرواتب في سوريا