تزداد الأعباء المادية على الفلاح وترافقها مخاوفه من ارتفاع تكاليف المواد الزراعية، وما إن تنتهي هذه المخاوف إلى أن يظهر “كابوس” الآفات الزراعية التي قد تؤدي إلى الفتك بموسمه كاملاً، أو أن تقلل الإنتاج إلى النصف أو أكثر، كما يحصل بمحصول التبغ عند إصابة أوراقه بمرض “السبع”، ومع اقتراب موسم الزيتون وبدء المزارعين بتحضير أنفسهم لموسم القطاف، تظهر دودة “حفار الساق” في مناطق مختلفة، لتؤرق أصحاب الأراضي الذين ينتظرون محصولهم لهذا العام.
وتنتشر آفة “دودة حفار الساق” في بعض المحافظات السورية، خاصة على أشجار الصنف الزيتي مثل “أشجار الزيتون”، وتتسبب بحفر أنفاق للتغذية في الأشجار التي عمرها من سنة حتى ثلاث سنوات، فيما تؤدي أيضاً إلى ضعف الشجرة وجفاف الأفرع المصابة وتدني إنتاجها وموتها في نهاية الأمر، وهو ما يعرض مئات ولربما آلاف الأشجار للخطر بحسب تحذيرات المزارعين.
وعن خطورة هذه الآفة تحدث “يسار الأسعد” مزارع في ريف حمص الشرقي بالمشرفة لـ “داما بوست”.. “قل إنتاجنا من الزيتون والزيت منذ ثلاث سنوات وحتى الآن، بسبب وجود دودة حفّار الساق على أشجار الزيتون، لدينا 120 دونماً من أراضي الزيتون، وحاولنا بشتى الوسائل والطرق للتخلص من هذه الآفة لكن دون جدوى، بقينا نعاني من نفس المشكلة التي تظهر على أشجارنا كل عام من الشهر الخامس وحتى العاشر”.
وعن الحلول البدائية والطرق التي تم استخدامها لمعالجة المشكلة، أوضح “الأسعد” أن الطريقة التقليدية لقتل الدودة، هي عبارة عن إدخال سلك داخل الثقوب الموجودة في الأغصان والتي قامت الدودة بحفرها، ولكن بعد أن قمنا بهذه الطريقة للقضاء عليها، تفاجئنا بعودتها بعد 25 يوماً وكأن شيئاً لم يكن، وإذا بقي الوضع ما هو عليه فنحن مقبلون على كارثة.
بدوره “عبد الرحيم الراعي” وهو مزارع من قرية العثمانية في ريف حمص الشرقي قال لـ “داما بوست”.. “استخدمنا طريقة السلك دون جدوى، فقمنا بتجربة خلط البنزين مع مبيد حشري ووضعه بالثقوب وتغطيتها بالطين في محاولة للقضاء عليها، تكللت الطريقة بالنجاح في البداية، لكننا واجهنا عقبة العدوى التي أعادتنا إلى مرحلة الصفر، لأن الأرض المتاخمة لأرضي كانت مصابة ولم تعالج بالتالي انتشرت الآفة من جديد، وهنا تجدر الإشارة إلى وجوب الوقاية العامة في مكافحة دودة حفار الساق”.
وتابع “الراعي” قائلاً.. “لدي 6 أو 7 أشجار ماتت رغم متابعتنا لمراحل تطور الآفة، لكننا لم نستطع رش أشجارنا شهرياً وذلك بسبب التكاليف الباهظة للمبيدات، حيث أننا نكون بحاجة عشر مواسم زيتون لتغطية تكلفة موسم مشكوك في إنتاجه، والعلاج يحتاج الرش شهرياً لمكافحة هذه الدودة ليتم القضاء عليها”.
بالمقابل صرح مدير الوقاية في وزارة الزراعة الدكتور إياد محمد لـ “داما بوست” أن الوزارة الآن تقوم بعملية المراقبة وخصوصاً أن الحشرة في هذه الفترة أغلبها تكون عذراء وداخل الساق أو الغصن مما يصعب معالجتها، فنراقبها لتصبح حشرة كاملة ومن ثم يتم علاج الآفة، مع العلم أن الوزارة أطلقت برنامج إدارة متكاملة للشرح عن هذه الحشرة وكيفية الوقاية منها، موضحاً أن هذه الحشرة انطلقت من حماة، وسيتم تأمين المرشات والمبيدات للأخوة المزارعين.
وأكد الدكتور “محمد” أنه سيتم متابعة شكاوى الفلاحين بخصوص هذه الآفة في حمص والريف الشرقي من المحافظة، ليتم تقديم العلاج والمبيدات وحل هذه المشكلة بشكل نهائي، فيما يؤكد المزارعون أن هذه الحشرة قد أثرت بشكل كبير على مواسم بعض التي يشكل موسم الزيتون مصدر دخلها الأساسي والأهم.
ومن الناحية العلمية يشرح الحاصل على الماجستير في الهندسة الزراعية كفاح أحمد عن دودة حفار الساق لـ “داما بوست” قائلاً.. “هي إصابة حشرية ولديها دورة حياة تبدأ باليرقة من ثم حورية إلى أن تصبح حشرة كاملة، وهي ليست بالحشرة الجديدة في سورية، إلا أنها كانت تُعالج بشكل أفضل، أما اليوم ومع تطور هذه الحشرة أصبحت المبيدات الحشرية الجديدة لا تأتي بالنفع، بسبب قلة المواد الفعالة والمركزة فيها، وقد تؤثر على إنتاج المحصول الذي تقوم بضربه بشكل متفاوت”.
وأكمل “أحمد”.. “إضافةً للطريقة الميكانيكية “التقليدية” وهي السلك ذو النهاية المعكوفة، والذي يتم إدخال الطرف المعكوف في غصن الشجرة بحيث يصل السلك لنهاية الغصن وبالتالي قتل الدودة، وهذه الطريقة فعالة ولا بد منها، وهناك طريقة أخرى عبارة عن زيت يتم رشه على هيكل الشجرة لكنه مكلف بعض الشيء، إضافة للمبيدات والمواد الكيماوية، وبرأيي يجب أن يكون هنالك دورة زراعية كل موسم يتم فيه الاطلاع على المشاكل والأمراض الجديدة ومراقبتها بشكل دوري وعن قرب”.