يقدم المسرح السوري العديد من المواهب الشابة والتي استطاعت تجسيد الواقع السوري والقضايا الإنسانية والاجتماعية والخدمية بصورة فنية تناسب جميع الفئات والأعمار، فمن ضمن الفنون التي يقدمها المسرح، هو المسرح الراقص والذي يعتمد على تشكيلات الجسد بحركاته المختلفة كأداة رئيسية لإيصال الفكرة والتواصل مع الجمهور، وفي هذا الإطار تتحضر فرقة “سورية للمسرح الراقص” لتقديم عرض مسرحي بعنوان “تداخل منفصل” بتاريخ 31 أغسطس-آب على خشبة مسرح القباني بدمشق.
وبالحديث مع مؤلف ومخرج العمل “نورس برّو” عن فرقة سورية للمسرح الراقص، قال لـ “داما بوست”.. “إن فرقة سورية للمسرح الراقص أصبح عمرها 12 سنة تقريباً، وحملت على عاتقها أكثر من رسالة على الصعيد المجتمعي والخدمي، واحتضنت 3 أجيال تنوعت من جيل الأطفال إلى جيل الشباب وجيل الكبار عمراً أي فوق الـ 45 عام منذ بداية تأسيسها عام 2011”.
وأكّد “برّو” أن هدف الفرقة منذ بداية تأسيسها لليوم، هو محاولة الانتقال من واقع الحرب التي عشناها إلى مكان يقدم المسرح والفن والموسيقا، بما يعكس الحياة الطبيعية للإنسان، ونفتخر بجميع الإنجازات والأعمال التي قدمناها لليوم، والتي بُنِيت على مبدأ المحتوى الفكري الذي يحترم عقول المشاهدين، والتي تعتمد على قضية معينة تصور الواقع الخدمي والمجتمعي والإنساني.
وحصدت فرقة سورية للمسرح الراقص العديد من الجوائز العربية والعالمية، واستشهدت بها صحيفة الغارديان البريطانية، وتسعى لأن نقدم الأعمال بطريقة مختلفة بما يلامس قلب الجمهور وعقله معاً، حسب قول مؤلف العمل.
وعن العرض المسرحي “تداخل منفصل” أوضح “برّو”.. “العمل يتعلق بقضايا المرأة المعنّفة وعلاقتها بالرجل، والذي يبرر تصرفاته وتعنيفه لها بالظروف المعيشية كالفقر والمستقبل المبهم وغيرهم، ناسياً مشاعرها وتأثير الظروف عليها كإنسانة أيضاً، وهي حالة دمج ما بينهما وليس تشويه صورة أحد على حساب الآخر”.
وبالحديث عن دعم وزارة الثقافة ومديرية المسارح والموسيقا أشار “برّو”.. “كل ما يتعلق بفرقة سورية للمسرح الراقص، نسعى لتقديمه بصورة مثلى، وفي كل عام نقدم عروضاً فنية سواء أكانت في دار الأوبرا، أو من خلال مديرية المسارح والموسيقا، والفرقة تملك مقراً وصالات تدريب خاصة بها لتضمن تقديم الأفضل دائماً، وفي ظل الأوضاع الراهنة، حاولنا تقديم العرض التجريبي على المسرح وتشغيل الإضاءة كالعرض الأساسي، لنتفاجأ بقطع التيار الكهربائي بغير موعده ولوقت طويل، وتواصلنا أصولاً مع مديرية المسارح والموسيقا لمعالجة المشكلة تجنباً لأي خطأ خلال أيام العرض، ونتمنى التعاون في هذا السياق”.
وقال الشاب “فريدريك رومانوف” المشارك بالعرض المسرحي الراقص لـ “داما بوست”.. “انضممت لفرقة سورية للمسرح الراقص منذ سنتين تقريباً، وكانت أول مشاركة لي في عرض “بارافرينيا” بعد شهر ونصف تقريباً من انضمامي للفرقة، ومن خلالها اكتشفت انتمائي للمسرح الراقص والذي يعد تجربة فريدة من نوعها بالنسبة لي”.
وأكمل “رومانوف”.. “علاقتي بالفرقة هي علاقة عائلة مع بعضها البعض، ويوجد درجة معينة من الانسجام والود، لأن الراقصين عموماً يقدمون حالة فنية على خشبة المسرح لا يمكن أن تظهر بصورة ناجحة إذا لم يتعاونوا على ذلك”.
وأشارت الشابة “منال يونان” وهي من أصول سودانية والمشاركة بالعرض المسرحي “تداخل منفصل” لـ “داما بوست”.. “أنا مقيمة في سورية منذ أكثر من 10 سنوات وبدأت في مجال الفنون من خلال فرقة سورية للمسرح الراقص من خلال العمل كخبيرة في التجميل وبمجال الأزياء الخاصة بالفرقة، وخلال الاحتكاك المباشر بأعمالها وملازمتها خلال السفر للخارج لتقديم العروض المسرحية، حاولت التجربة معهم ونجحت بها إلى حين أصبحت الفرقة أولوية بالنسبة لي”.
وحول مشاركتها في العرض المسرحي الراقص “تداخل منفصل” قالت “يونان”.. “سأقدم شخصية باسم منال أيضاً، وهي امرأة معنفة من قبل ذكر شرقي حجته الدائمة بتعنيفها هي الأوضاع المعيشية الراهنة، دون مراعاة شعورها كإنسانة خلال أجواء الحرب وتأثيرها عليها، في حين كان الانسجام مع فريق العمل والقدوم من ثقافة مختلفة عن الثقافة السورية والاندماج بالمجتمع السوري تحدياً بالنسبة لي، قبل الاندماج بفرقة سورية للمسرح الراقص، والتي أصبحت لاحقاً جزءاً لا يتجزأ مني”.
وأشار الشاب “يزن أسعد” المشارك في العرض المسرحي “تداخل منفصل” لـ “داما بوست”.. “سأشارك بالعرض كراقص ومساعد مصمم، وهي تجربتي الأولى كمساعد مصمم للفرقة، بعد انضمامي لها بعام 2019 كانت أول مشاركة لي بعرض افروديت، وبعدها في 4.1 وبارافرينيا، والتعاون مع مخرج العمل الأستاذ نورس برّو كان مختلفاً، فهو يقدم العروض المسرحية بناءً على رسالة يريد إيصالها من خلال الأداء الدرامي، بمختلف طبقات وفئات المجتمع”.
وعن دوره في المسرحية، قال “أسعد” لـ “داما بوست”.. “إن دوري بالعرض المسرحي يمثل رجلاً مُعنِفاً ويعاني من اضطرابات نفسية تدفعه لفعل أي شيء للحصول على ما يريد، وفي النهاية هو نتاج المحيط المؤثر به، من الأعباء الاقتصادية والواقع المعيشي السيء”.