مصير غامض يهدد عقارات حلب الشرقية المهجورة

تتزايد المخاوف بشأن مصير آلاف العقارات المهجورة في أحياء حلب الشرقية، والتي تركها أصحابها ونزحوا منذ سنوات بسبب ويلات الحرب، هذه المنازل، التي دُمرت أو تضررت جزئيا أو كليا، أصبحت هدفا للاستيلاء غير القانوني وعمليات البيع غير الرسمية، مما يضع أصحابها الأصليين في موقف قانوني هش.

 معاناة النازحين وفقدان الوثائق

روان الأحمد، لاجئة سورية وأم لخمسة أطفال تقيم في غازي عنتاب التركية، تُعد مثالا حيا للمعاناة، فقدت منزلها في حي المرجة بحلب عام 2016 بعد تصاعد القصف، ليس فقط بسبب الدمار الذي لحق بالمنزل، بل أيضا بسبب فقدان وثائق الملكية الأصلية التي احترقت مع جزء من المنزل.

تقول روان بحسرة لموقع “العربي الجديد”: “حين غادرنا كان كل همنا النجاة بحياتنا وأطفالنا، لم نتصور أننا لن نعود، ولم يخطر ببالنا أن نأخذ الأوراق.” هذا الفقدان لوثائق الملكية يضعها في موقف قانوني ضعيف للغاية، حيث لا تملك أي إثبات لملكيتها سوى بعض الصور القديمة، بينما تسكن عائلة جديدة منزلها.

 الاستيلاء غير القانوني والبيع العشوائي

سليم أورفلي، نجار ستيني من حي الصاخور بحلب، يشهد على تفشي ظاهرة التعدي على العقارات المتروكة، يشير إلى منزل عائلة الحلاق المجاورة لمنزله، والتي غادرت إلى تركيا مع بداية الحرب، ويقول إن عائلة غريبة تسكنه الآن دون أي سند قانوني.

يوضح أورفلي أن محاولات استرداد العقارات عن طريق المحاكم باءت بالفشل، بسبب صعوبة عودة أصحابها وتوكيل محامين، والخوف من التبعات الأمنية، يخشى أن تؤدي هذه الظاهرة إلى طمس حقوق الملكية وضياعها مع مرور الوقت.

 سوق موازية للعقارات غير المشروعة

يؤكد سالم أبو ربيعة، سمسار عقارات سابق في حي السكري بحلب، أن الأحياء الشرقية تشهد منذ سنوات ظاهرة متسارعة من عمليات البيع غير النظامية للعقارات في الخفاء، هذه “السوق الموازية” تستغل غياب أصحاب الأملاك الأصليين، حيث تُباع العقارات بأسعار زهيدة بموجب أوراق مكتوبة بخط اليد وموقعة من شهود فقط، دون أي إجراء قانوني رسمي.

بعض البائعين يدعون الملكية استنادا إلى عقود بيع قديمة، أو يلجأون إلى تزوير وتلاعب بالتواريخ، يلفت أبو ربيعة إلى أن معظم المشترين، وهم غالبا وافدون من ريف حلب أو أحياء أخرى مدمرة، لا يكترثون بالوثائق الرسمية، ويسعون فقط للحصول على مأوى، معتقدين أن الوضع سيُسوّى لاحقا، يحذر أبو ربيعة من أن استمرار هذا النمط من البيع سيخلق مشاكل قانونية واجتماعية معقدة في المستقبل، خاصة إذا قرر أصحاب العقارات الأصليون العودة والمطالبة بحقوقهم.

غياب الرقابة وخطر المصادرة

يعبر المحامي فضل الحصري عن قلقه من تفشي هذه الظاهرة، مؤكدا أن القانون السوري يحظر البيع أو التعدي على أملاك الغائبين، لكن الواقع يشهد غياب الرقابة الحقيقية والتغاضي عن المخالفات في بعض المناطق.

هذا الغياب للرقابة، حتى من البلديات، خلق بيئة خصبة للتجاوزات، يرى الحصري أن هذا الوضع قد يمهد لموجة مصادرات قانونية تحت غطاء قوانين مثل “الملكية الغائبة” أو “إعادة التنظيم”، مما يسهل على الدولة أو جهات نافذة فرض السيطرة على العقارات المهجورة.

 دعوات لحماية حقوق الملكية

تُبرز هذه التحديات الحاجة الماسة إلى آلية واضحة لحماية حقوق الملكية لأصحاب العقارات في حلب الشرقية فبدون تدخل فعال من المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية لإعادة التوثيق وحماية الملكية، ستظل آلاف العائلات تواجه شبح فقدان ممتلكاتها بشكل دائم.

 

اقرأ أيضاً: القامشلي: أزمة سكن خانقة… نصف البيوت فارغة، والأسعار بالملايين!

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.