ذوو الإعاقة في شوارع سوريا.. بين العوز وغياب الرعاية

في مشهد بات مألوفاً في شوارع سوريا، يتزايد حضور أشخاص من ذوي الإعاقة ضمن ظاهرة التسوّل، التي تفاقمت بشكل ملحوظ خلال سنوات الحرب. وفيما يعكس هذا الواقع أزمات اجتماعية ومعيشية عميقة، تطرح حالات معينة تساؤلات جدّية حول غياب الرعاية الاجتماعية، واحتمالات الاستغلال.

على الأرصفة، قرب إشارات المرور، وأمام دور العبادة، يظهر أفراد يعانون من إعاقات جسدية أو ذهنية، يجلسون طلباً للمساعدة. البعض يزحف بين السيارات، والبعض الآخر لا يكاد ينطق بكلمة، مكتفياً بمدّ اليد. المشهد الذي يحمل طابعاً إنسانياً قاسياً، لم يعد يُقابل فقط بالشفقة، بل أيضاً بالقلق من احتمال وجود شبكات تستغل هؤلاء الأفراد لجمع المال.

تقول سيدة من قرية قاح شمال إدلب: “منذ سنوات نرى فتى مبتور الساقين يجلس على الطريق، أحياناً يزحف على يديه. لا نعرف إن كان هناك من يجلبه ويأخذه، أو إن كان يبيت في هذا المكان”. وفي مدينة أعزاز، تروي أخرى مشهداً متكرراً لفتاة صغيرة مصابة بإعاقة ذهنية، تظهر بشكل يومي أمام مركز البريد: “الناس يساعدونها، لكن لا أحد يعرف قصتها أو من يقف خلفها”.

ورغم أن دوافع التسوّل في سوريا متعددة، فإن حالة ذوي الإعاقة تحديداً تثير جدلاً واسعاً. فبينما يرى البعض أنهم ضحايا الفقر والحرمان، يشير آخرون إلى إمكانية استغلالهم من قِبل جهات تستثمر في معاناتهم لتحقيق مكاسب مالية.

هذه المخاوف دفعت ناشطين إلى توجيه نداءات إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، مطالبين بتدخل رسمي للحد من الظاهرة وتأمين بدائل إنسانية ومهنية لهؤلاء الأفراد، خاصة الفئات الأكثر هشاشة من الأطفال وذوي الإعاقات.

وفي هذا السياق، أجرت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات زيارة إلى الأردن مؤخراً، بهدف الاطلاع على برامج الرعاية والحماية الاجتماعية هناك، لا سيما المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة والأيتام. وقد أبدت الوزيرة رغبة دمشق في الاستفادة من التجربة الأردنية في مكافحة التسوّل وتنظيم عمل الجمعيات، وتفعيل أدوات الحماية الاجتماعية.

يبقى ملف التسوّل في سوريا، خاصةً في أوساط ذوي الإعاقة، من القضايا التي تتطلب مقاربة متكاملة تتشارك فيها مؤسسات الدولة والمجتمع المدني. فبين الحاجة والاستغلال، تتسع الفجوة الاجتماعية التي تطال أضعف فئات المجتمع، في ظل غياب شبكة حماية فعالة تكفل الحد الأدنى من الكرامة والعيش الكريم.

إقرأ أيضاً: واقع صحي صعب في سوريا بين نقص التجهيزات الحكومية وارتفاع تكاليف

إقرأ أيضاً: السويداء تعاني العطش: أزمة مياه خانقة بسبب تعطل الآبار وانقطاع الكهرباء

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.