أزمة المياه في دمشق تتفاقم: انقطاعات طويلة وصهاريج بأسعار باهظة وسط غياب الحلول

تعيش العاصمة السورية دمشق واحدة من أسوأ أزماتها الخدمية مع تفاقم أزمة مياه الشرب في صيف 2025، حيث يشكو السكان في العديد من الأحياء من انقطاع متكرر وطويل للمياه، تجاوز في بعض المناطق أسبوعاً كاملاً دون إنذار أو جدول واضح للتزويد.

إقرأ أيضاً: أزمة قمح تلوح في الأفق: سوريا تنتج 19% فقط من حاجتها السنوية

تزامن أزمة المياه مع تقنين قاسٍ للكهرباء

في ظل غياب التنسيق بين برنامج تقنين الكهرباء وبرنامج ضخ المياه، يزداد الضغط على المواطنين، إذ يُقطع التيار الكهربائي خلال ساعات ضخ المياه المحدودة، ما يُصعّب من عملية تعبئة الخزانات وتشغيل المضخات.

وقالت أم علاء، إحدى سكان حي الروضة وسط دمشق، إن “المواطن يشعر وكأنه معاقَب لا مخدوم”، مؤكدة أن الأسر تُجبر على شراء المياه من صهاريج خاصة بأسعار تفوق قدرتها الشرائية، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية.

وتبدي أم علاء انزعاجاً كبيراً من تبدد الوعود برفع ساعات تزويد الكهرباء وتضيف: وُعدنا بأن الكهرباء ستتحسن خلال 3 أشهر، ولكن بعد مضي 8 أشهر حُرمنا من الماء والكهرباء معاً من دون أن نعرف إلى متى يستمر هذا الوضع.

ذروة الجفاف وتراجع منسوب نبع الفيجة

تزامناً مع دخول شهر أغسطس، تصل سوريا إلى ذروة موسم الجفاف، الذي حذرت منه الجهات المختصة في وقت سابق، بعد انخفاض معدل هطول الأمطار إلى أدنى مستوى منذ 60 عاماً، حيث لم تتجاوز نسبة الهطول 23% في دمشق و30% في نبع الفيجة.

وتقدّر حاجة دمشق وريفها اليومية من المياه بـ 450 ألف متر مكعب، في حين يبلغ العجز المائي نحو 100 ألف متر مكعب يومياً، بحسب ما أعلنت المؤسسة العامة لمياه الشرب في دمشق.

أسباب أزمة المياه في دمشق: عوامل بيئية وخدمية

أوضح مدير المؤسسة، أحمد درويش، أن أسباب انقطاع المياه تعود إلى:

تراجع حاد في المصادر المائية الطبيعية

نقص الطاقة اللازمة لضخ المياه

أعطال متكررة في الشبكات ومحطات الضخ

وأشار إلى أن المؤسسة تعمل على خطة طوارئ لإعادة تأهيل الآبار وصيانة الشبكات، إلا أن نقص الموارد المالية والفنية يعيق تنفيذ المشاريع الاستراتيجية التي تضمن استدامة المياه.

حي ركن الدين نموذجاً للأحياء المتضررة بشدة

في حي ركن الدين شمال دمشق، يقول السكان إنهم يعيشون أياماً متتالية دون ماء للشرب أو الاستخدام المنزلي، ما اضطرهم إلى شراء المياه من صهاريج بأسعار مرتفعة، في وقت تتزايد فيه معاناة الأهالي بسبب الانقطاعات الطويلة في التيار الكهربائي، الأمر الذي يعقّد عملية تخزين المياه وضخها داخل المنازل.

الأزمة لا تقتصر على ركن الدين، بل تشمل أحياء مثل المزة، مشروع دمر، البرامكة، وجوبر، حيث يشكو الأهالي من:

غياب جدول واضح لتوزيع المياه

عدم عدالة التقنين بين الأحياء

سوء إدارة الشبكات وضعف الصيانة

الوعود الحكومية… بلا أثر ملموس

رغم وعود السلطة الجديدة في دمشق عند تسلُّمها الحكم قبل أشهر بتحسين الوضع الخدمي خلال 3 أشهر، لم يلمس السوريون أي تحسن، بل ازدادت الأزمة سوءاً في قطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات، ما فاقم الغضب الشعبي والاحتقان الاقتصادي.

ويرى بعض المحليين أن الحكومة الجديدة لم تدرك حجم التحديات، واعتقدت أن خبرتها السابقة في إدارة محافظة صغيرة مثل إدلب يمكن تعميمها على العاصمة دمشق، ما جعل الوعود تبدو غير واقعية.

الناس بين فكي الغلاء والغياب الخدمي

مع تراجع قدرة المواطنين الشرائية وارتفاع أسعار المياه المعبأة والصهاريج الخاصة، بات تأمين أبسط الاحتياجات اليومية تحدياً كبيراً.

يؤكد السكان أن ما يزيد الوضع سوءاً هو:

الانقطاع الطويل للكهرباء (حتى 12 ساعة يومياً)

عدم وجود تنسيق بين ضخ المياه والتغذية الكهربائية

انعدام الشفافية في تبيان أسباب الأزمة وخطط الحل

ويؤكد خالد صياح، عضو لجنة حي في دمشق لصحيفة “الشرق الأوسط”، أن حل هذه الأزمات لا يكون فقط عبر الإدارة الخدمية، بل يحتاج إلى انفراج سياسي ينعكس على الواقع المعيشي، مشيراً إلى ركود الأسواق ونقص السيولة النقدية بين السكان.

إقرأ أيضاً: واقع صحي صعب في سوريا بين نقص التجهيزات الحكومية وارتفاع تكاليف

إقرأ أيضاً: السويداء تعاني العطش: أزمة مياه خانقة بسبب تعطل الآبار وانقطاع الكهرباء

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.