“إسرائيل” في الهاوية، فشل عسكري في ميدان غزة، وفي الجبهة الشمالية، يترافق مع غليان داخل الكيان، واشتباكات بين عناصر الجيش والشرطة، و”الحريديم”، وغضب ضد المجرم نتنياهو الذي وضع ملف الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية في درجه الخاص، وراح يبحث عن التصعيد وعمليات القتل والاغتيال الجبانة من وراء الحدود بشكل يعبر عن إجرامه وفشله في ميادين القتال العسكرية حيث يمنى جيشه بهزائم وخسائر قاسية تمرغ أنفه وأنف جوقة إجرامه في الوحل وتهرق ماء وجهه أمام جمهوره الذي بات يكره حتى لفظ اسمه.
الاشتباكات الأخيرة في كيان الاحتلال بين الجيش المهزوم وما تسمى الشرطة العسكرية وأنصار اليمين المتطرف مظاهر تدل على حدوث انقلاب فعلي في “إسرائيل”، وعلى حد تعبير زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد: “إسرائيل لا تقترب من الهاوية، إسرائيل بالفعل في الهاوية”، وبالتالي أصبح من الواضح لنتنياهو ودائرته اليمينية المتطرفة أنهم يعملون ضمن وقت وهامش محدودين بشكل متزايد، وهذا يفسر الاحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة.
لا شك أن جريمة اغتيال الشهيد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، في العاصمة الإيرانية طهران، تأتي في إطار محاولات “إسرائيل” اليائسة لإشعال حرب إقليمية أوسع، بعد فشلها في الحرب العسكرية والإعلامية على غزة وفي مواجهة حزب الله اللبناني المقاوم في الجبهة الشمالية.
رائحة الكيان العفنة تتصاعد، ومع تصاعد هذه الرائحة العفنة الواخزة تفوح في أجواء الكيان روائح اليأس النافذة، ومن المؤكد أن اغتيال الشهيد هنية في طهران عمل جبان بامتياز تفوح منه رائحة اليأس والخيبة والفشل، وهو جزء من سعي الكيان اليائس إلى توسيع نطاق الحرب إلى شاملة للتغطية على فشله وجر القوى الغربية وفي مقدمتها أمريكا للصراع في المنطقة.
ويبدو أن سلاح الإبادة الجماعية الذي استخدمته “إسرائيل” في غزة لم يفلح في كسر ذراع المقاومة، أو جر المنطقة لحرب شاملة، حتى الدعم الأمريكي الذي بدا واضحاً في الميدان ومباركته للإبادة الجماعية توقف عند نقطة معينة وتوجست أمريكا من فتح ذراعيها للكيان نحو الدخول لحرب شاملة في المنطقة، وبهذا بات الكيان محشوراً في زواية الهزيمة يتلمس الطرق لتفجير الأوضاع وخوض مغامرة الحرب الواسعة.
وبعد عشرة أشهر من حرب عسكرية صهيونية مبتورة من أي نوع من أنواع النصر، وفاشلة بكل المقاييس العسكرية على غزة، ومأزق عسكري إسرائيلي ضد حزب الله في لبنان، تحاول “إسرائيل” تصعيد وتيرة الأوضاع نحو صراع أوسع نطاقاً، وأكثر شمولية، وهي بذلك تخوض لعبة غاية في الخطورة يلعبها الاحتلال، يمكن تسميتها مغامرة أو مقامرة، وهي خاسرة لا شك في تحقيق أي هدف من الأهداف التي تسعى إليها، باستهداف القيادي البارز في حزب الله القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر بقصف مبنى سكني في بيروت يوم أمس، واغتيال الزعيم السياسي الأكثر بروزاً في فلسطين، والأكثر شعبية اليوم في طهران.
الاحتلال اختار المكان والتوقيت الخاطئين في اغتيال هنية في العاصمة الإيرانية، بعد وقت قصير من حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، وكانت الرسالة الإسرائيلية رسالة مركبة في التصعيد وعدم النية في إنهاء الحرب على غزة والتوصل إلى وقف إطلاق نار عن طريق التفاوض، والرسالة الإيرانية كان أوضح بحتمية الرد على هذا العمل الجبان.
حجم الاستفزازات الإسرائيلية كبيرة وتطرح أسئلة حول كيفية الرد برسائل لا تقل قوة عن تلك التي وجهتها “إسرائيل” دون تحقيق أمنية الكيان في توريط المنطقة بأسرها في حرب شاملة مدمرة، وبالنظر إلى القدرات العسكرية لـ “محور المقاومة”، فإن إيران وحزب الله وغيرهما قادرون بالتأكيد على إدارة هذا التحدي والرد بكل قوة بشكل يتناسب مع ظروف المنطقة.
والملفت أن التصعيد الأخير للكيان الإسرائيلي جاء بعد زيارة نتنياهو للولايات المتحدة، والتي لم تغير بشكل جوهري من الموقف الأمريكي القائم على الدعم غير المشروط لـ”إسرائيل” دون تورط مباشر في حرب إقليمية، وما يحدث يدل على أخذه الضوء الأخضر من واشنطن لارتكاب كل هذه الأحداث الجبانة، وهنا يبرز الترابط بين كل جرائم الاحتلال من مجدل شمس حتى طهران واغتيال هنية، وضرب الضاحية الجنوبية لتفجير برميل البارود في المنطقة.