خطوات مثيرة للجدل لكسب ولاء العلويين في سوريا
سلطت وكالة “رويترز” الضوء على مجموعة من الإجراءات التي تتخذها الحكومة السورية الجديدة لكسب ولاء الطائفة العلوية في الساحل السوري، وسط جدل واسع حول دوافع هذه الخطوات وأبعادها السياسية والاجتماعية. ويُنظر إلى هذه الجهود على أنها محاولة لتمكين الحكومة الجديدة من توسيع سيطرتها على المناطق الساحلية، وإظهار التزامها بخدمة جميع السوريين، وفق تعهدات الرئيس أحمد الشرع.
مساعدات اقتصادية وعفو محدد
تشمل الخطوات التي تقوم بها السلطات السورية منح العفو لعلويين شاركوا في أعمال عنف خلال أحداث آذار/مارس الماضية، إلى جانب تقديم مساعدات اقتصادية محدودة للطائفة العلوية عمومًا. ونقلت الوكالة عن عشرات العلويين المستفيدين من دعم اللجنة الحكومية المشكلة للإشراف على هذه العملية في محافظتي اللاذقية وطرطوس، فضلاً عن 15 مسؤولاً أمنياً سابقاً من العلويين يعملون حالياً مع الحكومة السورية، تأكيدهم على أن المبادرة تهدف لكسب ولاء العلويين، وهو ما قد يسهم في تعزيز سلطة الحكومة الجديدة في المنطقة.
وذكرت الوكالة أن المبادرة، التي يقودها قادة سابقون في طرفي النزاع السوري الذي استمر 14 عامًا، تقدم مساعدات مالية وفرص عمل وخدمات طبية لمئات العلويين، بما في ذلك عشرات الأشخاص الذين حصلوا على عفو مقابل تعهد بعدم العودة إلى القتال، أو المساعدة في ثني آخرين عن حمل السلاح.
رؤية اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي
وقال حسن صوفان، عضو اللجنة المعروفة باسم “اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي”، إن الحكومة تسعى لتحقيق التوازن بين جهودها تجاه العلويين واحتياجات بقية السوريين، بمن فيهم السنة المتضررون من نظام الأسد السابق. وأضاف أن هناك غضبًا شعبيًا من تعاون الحكومة الجديدة مع شخصيات من المؤسسة الأمنية السابقة، لكنه أوضح أن القيادة السورية تتعامل مع هذه المسألة من منظور أوسع يشمل مصالح كل السوريين، مع التأكيد على محاسبة مرتكبي الجرائم الخطيرة.
التعاون مع شخصيات مثيرة للجدل
أشارت “رويترز” إلى أن اللجنة تضم شخصيات لها تاريخ في ميادين القتال؛ فصوفان كان قائدًا سابقًا في صفوف الفصائل المعارضة، فيما يعمل خالد الأحمد، صديق طفولة الشرع، على مساعدة الحكومة في استعادة مناطق من خلال اتفاقيات استسلام. كما يشارك في اللجنة فادي صقر، من الطائفة العلوية، وهو قائد سابق لما يُعرف بـ”قوات الدفاع الوطني” الموالية للأسد، والتي اتهمتها منظمات حقوقية بارتكاب مجازر وانتهاكات، وقد وُضِع صقر على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية. وذكر صقر أنه لم يشارك في تلك الجرائم، بينما أكد صوفان أن الحكومة تتعاون معه لمنع إراقة الدماء بعد سقوط الأسد.
انتقادات ومخاوف
أثار التعاون مع شخصيات مثل صقر انتقادات واسعة، واعتبره البعض محاولة سطحية من الحكومة الجديدة لترسيخ سلطتها، مع السماح لشخصيات النظام السابق بالإفلات من العقاب. وتقول الحكومة إن المرشحين للعفو يخضعون للتدقيق لضمان عدم شمول أي شخص ارتكب جرائم خطيرة، لكن العملية تواجه انتقادات بسبب غموضها، وأكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن سلطة اللجنة في منح العفو والإفراج عن المعتقلين قد تقوض الشفافية واستقلال القضاء.
انعدام ثقة واحتجاجات
رغم أن بعض العلويين رأوا في المبادرة فرصة لتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية بعد الإطاحة بالأسد، فإن عمليات التسريح ومقتل بعض العلويين في الأشهر الأخيرة، إضافة إلى أحداث الساحل في آذار/مارس، زادت من شعور الطائفة بعدم الثقة في الحكومة الجديدة. ويعارض بعض أفراد الطائفة العمل مع اللجنة، معتبرين التعاون مع السلطات السورية ذات التوجه الإسلامي خيانة. وأشار سكان علويون إلى أن الجهود المقدمة لمعالجة أضرار أحداث الساحل والفقر وانعدام الأمن لا تزال ضئيلة، بينما تسلط مظاهرات العلويين الأخيرة الضوء على التحديات المستمرة التي تواجهها اللجنة والحكومة في الساحل السوري.
اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة