الرقة تحت حكم “قسد”: مدينة منهكة تئن تحت وطأة الإهمال

بعد ثماني سنوات من سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على مدينة الرقة، التي كان يُفترض أن تبدأ مرحلة تعافيها بعد سنوات من حكم نظام الأسد وتنظيم “داعش”، يصف سكانها واقعا بائسا ومتدهورا.

لم تعد الرقة كما كانت، بل أصبحت مدينة تعكس الإحباط والغضب، حيث تتفشى فيها أزمة خدمات شاملة وفساد إداري مستشرٍ وضغوط أمنية خانقة. هذا ما كشفه تقرير نشره موقع “العربي الجديد”، الذي وثق الأوضاع المتردية في المدينة.

ضغوط على الخدمات الأساسية

أشار تقرير “العربي الجديد” إلى تدهور واضح يؤثر على الحياة اليومية:

  • النظافة والبنية التحتية: تعاني الشوارع من تراكم القمامة ووجود الحفر والمطبات، مما يعيق الحركة ويزيد من إرهاق المدينة، ويعزوه السكان إلى الإهمال في الصيانة.
  • أزمة الكهرباء والتمييز: تواجه الرقة انقطاعًا مطولًا للكهرباء يصل إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا. المفارقة تكمن، حسب التقرير، في أن الأحياء التي يقطنها مسؤولون في “قسد” تحظى بتغذية كهربائية أفضل، مما يشير إلى تفاوت في التوزيع ووجود تحديات في إدارة الموارد.
  • نظام الأمبيرات الخاص: يعتمد معظم السكان على مولدات كهرباء خاصة (“الأمبيرات”)، يديرها تجار مرتبطون بـ”قسد”. هذا النظام البديل مكلف ويزيد من التلوث البيئي والسمعي.
  • تحديات المياه: تعاني المدينة من ضعف وصول المياه وفي بعض الأحيان تكون ملوثة، مما يعكس الحاجة الملحة للصيانة وتحسين إدارة شبكات المياه.

تحديات في الحوكمة والإدارة

أفاد التقرير أن نمط الإدارة يعتمد على مبدأ “من يحرّر يقرّر”، حيث تُسند المناصب بناءً على الولاء أو المشاركة مع “قسد”، وليس بالضرورة على الكفاءة:

  • توظيف غير كفؤ: تشير الشهادات إلى أن بعض المناصب الإدارية، مثل قطاع التعليم، يشغلها أشخاص مؤهلاتهم محدودة، مما يؤثر سلبًا على جودة الخدمات.
  • إدارة الموارد وعقود المشاريع: تُدار الموارد والمشاريع التنموية بأسلوب يثير تساؤلات حول الشفافية. التقرير يشير إلى أن مبالغ كبيرة من التمويل الدولي لم تُستغل بالشكل المطلوب في البنية التحتية، وأن العقود غالبًا ما تُمنح لشركات لها صلات بقادة “قسد”.

الضوابط الأمنية والقيود على المجتمع المدني

وأكد التقرير أن الحياة في الرقة تتسم بوجود ضوابط أمنية مشددة، وأن الأصوات المنتقدة تواجه تحديات:

  • قيود على حرية التعبير: يشعر السكان بضرورة الحذر عند التعبير عن آرائهم السياسية أو الإدارية، خوفًا من التعرض للمساءلة الأمنية.
  • مراكز الاحتجاز: تدير “قسد” شبكة من السجون ومراكز الاحتجاز، بعضها سري، حيث يتم احتجاز الأفراد لفترات قد تطول دون محاكمة واضحة أو تهم محددة. التقرير أشار إلى أن أساليب الاستجواب تتشابه مع تلك التي كانت مستخدمة في عهد النظام.
  • التلقين الأيديولوجي: تفرض الإدارة الذاتية دورات إجبارية على الموظفين والمعلمين تركز على “فكر وفلسفة عبد الله أوجلان”، الأمر الذي يُنظر إليه على أنه محاولة لتوحيد السردية الأيديولوجية.
  • تقييد المجتمع المدني: العمل المدني في الرقة غير مستقل ويخضع لإشراف وموافقة دقيقة من الأجهزة الأمنية (الأسايش). تُرفض العديد من الأنشطة التوعوية باعتبارها “عملًا سياسيًا”، مما يحد من فعالية المنظمات المحلية ويجعلها تعمل ضمن إطار مرسوم مسبقًا.

يخلص تقرير “العربي الجديد” إلى أن هناك شعورا واسعا بالإحباط في الرقة نتيجة لغياب الخدمات الأساسية والعدالة في التوزيع، وضعف الكفاءة الإدارية، إلى جانب الضغوط الأمنية.

يرى السكان أن سلطة “قسد” تتصرف كقوة أمر واقع تفرض مشروعها الخاص، وهذا يتسبب في فقدان الثقة ويزيد من القلق بشأن مستقبل المدينة.

 

اقرأ أيضاً:إلهام أحمد: مقترح بتعيين مظلوم عبدي وزيراً للدفاع أو رئيساً للأركان

اقرأ أيضاً:قسد تعتقل 10 من داعش في الرقة ودير الزور بدعم من التحالف الدولي

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.