هآرتس: “الممر الإنساني” بسوريا مأزق سياسي للشرع
كشف تحليل لصحيفة هآرتس العبرية، كتبه تسفي بارئيل، محلل شؤون الشرق الأوسط، أن المطلب الإسرائيلي بإنشاء “ممر إنساني” يربط الجولان المحتل بمحافظة السويداء السورية، يشكل “العقبة الأخيرة” أمام توقيع الاتفاق الأمني بين سوريا وإسرائيل. وقد أدى هذا الشرط إلى تأجيل الإعلان عن الاتفاق الذي كان مقررًا في نيويورك الأسبوع الماضي، بضغط من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وبحسب المحلل فإن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يواجه مأزقا حقيقيا؛ فهو بين خيار خسارة الاتفاق الأمني وما يترتب عليه من ضغوط أمريكية، أو خطر تفكيك الدولة وتحويلها إلى كيانات طائفية متنافرة.
الممر: سياسة لا إنسانية وتهديد للسيادة
ترى دمشق أن هذا الممر المقترح، الذي يمر عبر محافظة درعا، هو “انتهاك لسيادتها ومحاولة لفصل السويداء” وربطها بنفوذ خارجي، خاصة أنه يستلزم نشر قوات إسرائيلية أو دولية لضمان الأمن.
وأكد دبلوماسي أردني مطلع على تفاصيل الاتفاقية أن “الممر مسألة مصطنعة ابتكرتها إسرائيل وبعض قادة الطائفة الدرزية لضمان استمرار نفوذها في الفضاء السوري بعد انسحابها من الأراضي المحتلة”.
وبذلك، يتضح أن المسألة سياسية بامتياز وليست إنسانية.
أبعاد سياسية خطيرة: المطلب الإسرائيلي يعزز مطالب حكمت الهجري، أحد شيوخ عقل الدروز في السويداء، بـالحكم الذاتي للطائفة، وقد يتحول الممر إلى “وسيلة لرسم حدود دولية درزية مستقبلية”، مما يعني تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ إسرائيلية درزية شمالاً وكردية جنوباً.
رفض سوري: دمشق أكدت “عدم حاجتها للممر الإنساني”، مشيرة إلى خريطة طريق اعتمدتها في 16 سبتمبر/أيلول بالتنسيق مع الأردن والولايات المتحدة لتأمين احتياجات المحافظة والطريق الرئيسي بينها وبين دمشق.
وتضمنت الاتفاقية المقترحة ضمانات للدروز تشمل تشكيل قوة أمنية مشتركة ولجنة تحقيق دولية في أحداث يوليو/تموز.
ارتباط الأزمة الجنوبية بخطر انقسام الشمال
يُشكّل التنازل الحكومي المحتمل في الجنوب خطرا على وحدة البلاد بتشجيعه للمطالب الكردية في الشمال. فقد علَّق القادة الأكراد مفاوضاتهم مع دمشق عقب أحداث السويداء، مما يعكس ترابط ملفات الحكم الذاتي.
ويحذر التحليل من أن أي تنازل قد يدفع الأكراد، الذين يملكون قوة عسكرية ويديرون مناطق بميزانيات مستقلة، إلى المطالبة بمزيد من الاستقلالية أو التمسك بـ “الحكم الذاتي المدعوم من واشنطن”.
مصير سوريا على المحك
يجد الشرع نفسه مدعوما سياسيا من دول إقليمية كالسعودية وتركيا وقطر والإمارات. ومع ذلك، تُصِر إسرائيل على موقفها، معتبرة الممر “رمزًا لالتزامها التاريخي اتجاه الدروز” وعلاقتها بـهم التي تصفها بأنها “أخوية مبنية على السلاح والدم”.
وخلص بارئيل بحسب صحيفة “هآرتس” إلى أن قرار الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في هذه المسألة “مصيري”، إذ سيحدد ما إذا كانت سوريا ستبقى “دولة موحدة تحت سلطة مركزية، أم تتحول إلى مناطق مقسمة طائفية متجاورة بحدود شبه رسمية”.
اقرأ أيضاً:بعد العداء والانشقاق.. أحمد الشرع يعين أبو أحمد زكور معاونًا له لشؤون العشائر
اقرأ أيضاً:موقع ألماني: انتخابات سوريا البرلمانية.. إصلاح ديمقراطي أم تعزيز لسلطة أحمد الشرع؟