بين التقدير والإقصاء.. أين موقع رجال الثورة في سوريا الجديدة؟ الرقة نموذجًا

تتزايد النقاشات في الأوساط السورية، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الندوات واللقاءات المجتمعية، حول ما يوصف بـ تغييب شخصيات وقيادات بارزة من رجال الثورة السورية عن المشهد السياسي الراهن. وبين من يرى أن هذا الإقصاء مقصود، ومن يعتقد أنه ناجم عن غياب التعريف الإعلامي بدور هؤلاء، يبقى السؤال مطروحًا: هل تخلت الدولة السورية عن رموز الثورة الذين واجهوا النظام والتطرف على حد سواء؟

الشيخ فرج السلامة: سيرة من الثورة إلى التهميش

من بين هؤلاء يبرز اسم الشيخ فرج السلامة، المولود عام 1977 في مدينة الطبقة بمحافظة الرقة، المنتمي إلى عائلة عرفت بمواقفها الوطنية منذ فترة الاحتلال الفرنسي. عاش الشيخ في السعودية حيث عمل في قطاع المقاولات والعقارات، لكنه سرعان ما انخرط في دعم الحراك الشعبي السوري مع انطلاق الاحتجاجات في درعا عام 2011.

أعلن مواقفه علنًا عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلال صفحة “راعي الحرشة”، وظهر في تسجيل مصور على قناة “الدنيا”، حيث عبّر عن دعمه للحراك الثوري. ورغم حذف النظام لجزء من حديثه الذي انتقد فيه الأجهزة الأمنية وحزب البعث، إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة نشاطه. لاحقًا أسس مع آخرين “الكتلة الوطنية”، التي ضمت أبناء شيوخ وعوائل سورية بارزة سياسيًا.

دور تنظيمي وعسكري وإغاثي

شارك الشيخ فرج في تأسيس “المجلس الأعلى لقيادة الثورة” الذي سعى لتوحيد الحراك في المحافظات السورية. كما دعم تشكيل فصائل من الجيش الحر، وأسهم في إرسال الدعم الطبي عبر مشافٍ ميدانية بدير الزور والرقة، إضافة إلى توفير معدات لوجستية للإعلاميين، بينها أجهزة بث وإنترنت فضائي وكاميرات.

كان له أيضًا دور في إدخال الأسلحة إلى شرق سوريا، بما فيها الرقة ودير الزور والحسكة، بتمويل خليجي وتركي، وقدم دعمًا عسكريًا لفصائل مختلفة، بينها “جبهة النصرة” في بداياتها قبل انشقاقها عن “القاعدة” ودخول “داعش” إلى المشهد.

مواجهة مع “داعش”

مع صعود تنظيم “داعش”، وقف الشيخ فرج في مواجهة ممارساته، ورفض ما وصفه بـ “التكفير وقتل الأبرياء”، ما وضعه في صدام مباشر مع التنظيم. ومع تزايد المخاطر الأمنية غادر سوريا إلى السعودية، لكنه واصل نشاطه الإعلامي والسياسي الداعم للثورة من الخارج.

التغييب عن المشهد السياسي

رغم هذه السيرة الحافلة، يشير الشيخ فرج إلى أنه لم يحظَ بفرصة المشاركة في مجلس الشعب السوري، معتبرًا ذلك مثالًا على حالة التهميش التي يشعر بها عدد من رجال الثورة. ويطرح الأمر تساؤلات حول غياب آلية واضحة لإشراك هذه الشخصيات في الحياة السياسية بعد انتهاء الصراع.

تساؤلات مفتوحة حول المستقبل

قصة الشيخ فرج السلامة تعكس معضلة أوسع يواجهها كثير من الثوار السابقين: هل كان تغييبهم نتيجة خيارات متعمدة لإعادة صياغة المشهد بعيدًا عنهم، أم أنه ناجم عن ضعف التواصل والاعتراف بدورهم؟

في وقت تعمل فيه الحكومة السورية على بناء مرحلة جديدة، تبدو الحاجة ملحة لإعادة النظر في موقع هؤلاء الرجال، الذين شاركوا في مقاومة النظام. فالمعادلة اليوم لا تتعلق فقط بماضي الثورة، بل أيضًا بمستقبل التوافق الوطني وإمكانية دمج مختلف الأطراف في مشروع الدولة.

اقرأ أيضاً:هآرتس: الممر الإنساني بسوريا مأزق سياسي للشرع

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.