إيران.. دعم مستمر لمحور المقاومة ونجاح في إحداث التحوّلات لصالح الشعوب
محور المقاومة نما وتعاظمت قوته بدعم إيران وهو تحالف حركات في كل من لبنان والعراق وسوريا واليمن، مدعومة من طهران، منذ الثمانينيات
داما بوست- خاص| مع تنامي المشاريع التقسيمية والعدائية في المنطقة من قبل “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية والغرب ومن يتحالف معهم من أدوات كان لا بد من بروز تكتل قوي يجابه هذه المشاريع الهدّامة التي ترمي للسيطرة على المنطقة ومقدراتها وتحويل سكانها لعبيد لسياسة الغرب وفي مهب رياح التناحر والشرذمة.
وعلى هذا الأساس نشأ ونما محور المقاومة من تحالف دول وحركات معارضة لـ “إسرائيل” والنفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، ومن ضمن هذا المحور إيران التي دعمت حركات المقاومة في لبنان حيث حزب الله يقاوم الاحتلال، وفي فلسطين حيث حركات المقاومة تقارع الهمجية الصهيونية، وفي العراق وهنالك كتائب حزب الله العراقي والمقاومة الإسلامية وحركات المقاومة الأخرى التي تتلقى الدعم الكبير من إيران، وأيضاً حركة أنصار الله في اليمن التي تحولت لسند كبير لمقاومة غزة ولبنان.
ومن وجهة نظرٍ الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترى طهران شعوب محور المقاومة بأنها الشعوب التي تقاوم الهيمنة الأجنبية والاستعمار والاحتلال، وتريد أن تكون مستقلةً في كل الاتجاهات السياسية والاقتصادية، فكان قرار دعم حركات المقاومة هو قرار على أعلى مستوى في الجمهورية الإسلامية، وأصبحت إيران جزءاً من معركة المواجهة ضمن هذا المحور الذي كبح جماح التوحش الإسرائيلي الأمريكي في المنطقة، ولولاه لغرقت دول المنطقة في الفوضى والشراك الصهيونية، ولكان استمر احتلال المزيد من الأراضي لصالح كيان الاحتلال.
محور المقاومة نما وتعاظمت قوته بدعم إيران وهو تحالف حركات في كل من لبنان والعراق وسوريا واليمن، مدعومة من طهران، منذ الثمانينيات.
تبلور وجود المحور المقاوم في منطقة الشرق الأوسط منذ نجاح الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني في شباط 1979، حيث أطاحت بحكم الشاه الذي كان على علاقة وثيقة بالولايات المتحدة الأميركية، وأعلنت معاداتها للكيان الإسرائيلي.
بدأت إيران منذ مطلع التسعينيات بدعم الحركات الفلسطينية الرافضة لاتفاقية أوسلو، وهكذا تشكل المحور تدريجيا، وبعد الغزو الأميركي البريطاني للعراق عام 2003، وسقوط نظام صدام حسين، أنشأت طهران ودعمت حركات المقاومة في العراق، وهي مستمرة حتى هذا اليوم.
المحطة الرئيسية في نشأة محور المقاومة كانت تأسيس حزب الله اللبناني المقاوم عام 1982، وقد تشكل الحزب بدعم من طهران لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وكانت أبرز محطات محور المقاومة منذ ذلك الحين دوره في انسحاب “إسرائيل” وتقهقرها من الشريط الحدودي اللبناني عام 2000، ثم مشاركته في حرب تموز عام 2006.
ومع بدء ما يسمى “الربيع العربي”، الذي دعم الأدوات الصهيونية التخريبة لضرب سوريا وإشاعة الفوضى في الدولة السورية خدمة للمشاريع الصهيو أمريكية كانت إيران إلى جانب سوريا واستطاعت إحباط هذا المخطط الخبيث ودعمت سوريا بمستشاريها العسكريين ودفعت الدم إلى جانب الجيش العربي السوري.
وفي خضم التطورات المتسارعة في المنطقة أشرفت إيران على تطوير مكونات المحور وتنظيمها في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن، وكان لقائد فيلق القدس حينها الشهيد اللواء قاسم سليماني دور كبير في رسم الخطوط الكبيرة والمؤثرة في المحور المقاوم على امتداد المنطقة.
لا شك أن إيران تمثل أحد المصادر المهمة لتمويل محور المقاومة ودعمه بالمال والسلاح ومستشارين عسكريين من الحرس الثوري لتقديم الخبرة والمشاركة في التخطيط وإدارة المعارك ضد الاحتلال وأدواته، والتي اغتالت “إسرائيل” بعضهم في سوريا والعراق ولبنان.
وبعد اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة وأهلها، زار الراحل الشهيد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، لبنان ثلاث مرات، وسوريا مرتين، والعراق مرة واحدة، وكذلك فعل إسماعيل قاآنى، قائد فيلق القدس، حيث زار سوريا والعراق ولبنان، وكانت طهران أول مقصد يزوره الشهيد إسماعيل هنية قائد حركة حماس بعد اندلاع الحرب الصهيونية البربرية على قطاع غزة، وعلى أرضها ارتقى شهيداً.
نجح محور المقاومة في إحباط الاحتلال الأميركي للعراق ومنعه من إقامة رأس حربة في الخاصرة الإيرانية وفي خاصرة المنطقة ككل، ونجح المحور المقاوم في سلب كيان العدو الإسرائيلي قدرةَ المبادرة الإستراتيجية وتسيّد المنطقة والهيمنة عليها وعلى مقدراتها.
تمكنّت إيران بالشراكة مع قوى المقاومة من كسر التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها “داعش” عند حدودها وحالت دون إسقاطها للعراق أو استخدامه قاعدة مستدامة للأعمال الإرهابية ضدّها.
وقبْل ذلك وبعده، نجحت إيران في بناء ردع عسكري موثوق وفعّال بوجه أميركا وكيان العدوّ من خلال شبكة حلفائها من قوى المقاومة القادرة على شنّ هجمات من جغرافيا ملاصقة للعدو (الدفاع المتقدّم)، وهذا في المقابل يتيح لقوى المقاومة تكريس معادلة “الحرب الإقليمية”، وإيران جزء منها كجزء من نظام الردع الخاصّ بها.
اقرأ أيضاً: وزير الخارجية الإيراني الجديد: دعم محور المقاومة أساس سياستي الخارجية
ولا بد من الإشارة إلى أن محور المقاومة ناظر إلى المستقبل وهو ينجح في إحداث التحوّلات وتقاس جدواه الكلّية ضمن مساره المستقبلي، أمّا الظن أنّ مشكلة الغرب مع إيران والعقوبات مرتبطة بدعمها لمشروع المقاومة، فهو ظنٌّ يتغافل أنّ هذا الدعم هو فرع من موقف إيران الدفاعي عن استقلالها ودورها وهويتها ومصالحها، وقيمة الموقف الإيراني أنه متبصّر وناظر للمستقبل ومندمج مع مصالح شعوب المنطقة وينطلق من رؤية وإرادة مستقلة، وهذا المكوّن التي تتلاقى فيه الرؤى والمصالح في دعم إيران لقوى المقاومة يجعل هذه الشراكة أمتن وأكثر تجذّراً، ولحلفاء إيران في محور المقاومة مكوّنات أيديولوجية ومصلحية، فهم ناظرون أولاً إلى مصالح مرتبطة بتهديدات مباشرة من واشنطن و”إسرائيل” وتوابع وأدوات إرهابية، ولكنهم يرون أنّ هذه مصالح متكاملة مع إيران كمشروع استقلالي سياسياً وحضارياً.