أزمة سكن خانقة تهدد عودة اللاجئين السوريين
رغم ما تحمله لحظة العودة من رمزية شخصية ووطنية، يواجه آلاف اللاجئين السوريين العائدين إلى بلدهم تحدياً كبيراً في العثور على مأوى، وسط أزمة إسكان خانقة وارتفاع غير مسبوق في الإيجارات، ما يهدد استدامة عودتهم ويضعف فرص الاستقرار.
فمنذ عودته من تركيا قبل أشهر، وجد عبد الغني الأحمد، الذي ينحدر من مخيم اليرموك جنوب دمشق، نفسه عاجزاً عن استئجار منزل لعائلته، بعد أن دُمّر منزله الأصلي بالكامل خلال الحرب، وتحول حيّه إلى منطقة غير صالحة للسكن.
دمار واسع في المدن والمنازل
وبحسب تحليل أجرته الأمم المتحدة، فإن ما لا يقل عن 355 ألف مبنى تعرض لأضرار في حلب وحدها، إضافة إلى آلاف الأبنية في دمشق، حمص، دير الزور، والرقة. وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن نحو ثلث المساكن في مناطق الصراع تضررت بشكل كبير، فيما تعذر حصر الأضرار في المناطق الريفية.
وتنعكس هذه الكارثة العمرانية بشكل مباشر على سوق الإيجارات، إذ يقدّر متوسط إيجار شقة من ثلاث غرف في دمشق بنحو 650 دولاراً شهرياً، وهو مبلغ يتجاوز قدرة غالبية العائدين الذين فقدوا أعمالهم ومدخراتهم خلال سنوات اللجوء.
الانفلات في سوق الإيجارات
ويؤكد وسطاء عقاريون أن الطلب المتزايد مقابل عرض محدود، والانخفاض الحاد في حركة البناء منذ عام 2011، تسبب في ارتفاع الإيجارات إلى أربعة أضعاف في بعض المدن، ما دفع عدداً من اللاجئين للتراجع عن قرار العودة أو تأجيله، رغم التغيرات السياسية الأخيرة في البلاد.
ويشير قانون الإيجارات الحالي رقم 20 لعام 2015 إلى أن عقود الإيجار تخضع بالكامل لاتفاق الطرفين، دون تدخل تنظيمي فعّال، مما يفتح الباب أمام مضاربات واستغلال، وفق ما يؤكده خبراء.
تمويل عقاري أم مجرد وعود؟
في مواجهة الأزمة، أعلن مصرف سوريا المركزي عن تصميم نظام تمويل عقاري جديد يشمل تأسيس صندوق ضمان ومؤسسة وطنية للتمويل، وتقديم قروض ميسرة لإعادة الإعمار، مستلهماً تجارب من الدنمارك وكندا.
لكن مراقبين يرون أن أي حلّ فعلي يحتاج إلى خطوات سريعة على الأرض، بما في ذلك دعم حكومي مباشر أو شراكات مع جهات دولية مانحة، لتوفير السكن بأسعار معقولة وتسهيل العودة الآمنة.
مفوضية اللاجئين: لا عودة دون سكن
وفي السياق ذاته، شددت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على أن السكن وسبل العيش يشكلان ركيزتين أساسيتين لنجاح العودة الطوعية، مشيرة إلى أن أكثر من 1.4 مليون سوري عادوا بالفعل منذ بدء الأزمة.
لكن المفوضية حذرت من أن نقص التمويل اللازم لدعم برامج العودة قد يدفع العائدين لمغادرة البلاد مجدداً، داعية إلى الإسراع في تنفيذ المشاريع السكنية والإصلاحات الاقتصادية.
اقراً أيضاً: وزارة الصناعة تحدد أسعار الأراضي في المدن الصناعية السورية