كل صباح في سوريا يبدأ بنبض متسارع من الأخبار، الشائعات، والمقاطع المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي. من انفجار مفاجئ، إلى تصريح مثير، إلى صورة مسؤول تُشعل الجدل. في هذا المشهد المتقلب، يصعب أن يمر يوم من دون قضية تتصدر اهتمام الرأي العام. فهل تحوّل “التريند” Trend إلى روتين يومي؟ وما الذي يجعله يتكرّس كجزء من الحياة السورية المعاصرة؟
أولاً: بلد لا يهدأ… ولا تهدأ أخباره
رغم تغيّر مراحل الصراع، لم تخرج سوريا فعليًا من دوامة الحرب والانهيار. الاشتباكات، الأزمات، الانقطاعات، القرارات الحكومية المفاجئة، وحتى التسريبات، كلها تصنع مشهدًا يوميًا متجددًا. الأخبار لم تعد تأتي من المؤسسات الرسمية فقط، بل من الشارع، ومن كاميرات الهواتف المحمولة، ومن تدوينة واحدة على منصة تواصل قد تتحول إلى قضية رأي عام.
ثانيًا: حين يصبح التريند Trend أداة… بأيدي الجميع
وسائل التواصل تحولت إلى مساحة للتنفيس، للاحتجاج، وللسخرية الجماعية. لكنّها في أحيان كثيرة كانت أيضًا ساحة للتضليل أو التغطية على قضايا أكبر. السلطات بدورها أدركت هذه الأدوات، وأحيانًا تتقن استخدامها، إما عبر الإعلام الرسمي أو عبر حسابات مؤثرة. وهنا يُطرح السؤال: من يُوجّه من؟ وهل تحكمنا الخوارزميات أم المزاج العام؟
إقرأ أيضاً: كيف تؤثر القهوة على صحة بشرتك؟ إليك ما تحتاج إلى معرفته
ثالثًا: ذاكرة السوريين الحديثة… محفورة بالتريندات
من قصص الغلاء الفاحش، إلى الطوابير، إلى تصريحات صادمة من مسؤولين، وصولًا إلى مشاهد إنسانية بسيطة تحولت إلى ظاهرة نقاش. هذه التريندات، رغم عشوائيتها الظاهرة، شكّلت نوعًا من الأرشيف اليومي، وربما الذاكرة الجمعية للسوريين خلال سنوات ما بعد الحرب.
رابعًا: “التريند” كآلية نفسية واجتماعية
وراء هذا الانشغال المستمر، هناك حاجة جماعية للفهم، أو للتفريغ، أو ربما للهروب. مع تراجع دور الصحافة والمؤسسات العامة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بديلاً لنقاشات المجتمع. لكنها أحيانًا تبتلع النقاش الحقيقي داخل دوامات سريعة الزوال. فهل ما زال السوري يحتفظ بحسّه النقدي وسط هذا الزخم؟ أم أن التريندات باتت تستهلك وعيه أكثر مما تغذيه؟
التريند ليس دائمًا انعكاسًا لمشكلة حقيقية، لكنه بالتأكيد دليل على أن الناس ما زالوا حاضرين، يقظين، ومتفاعلين، حتى من خلف الشاشات. وفي بلد لا يهدأ، ربما السؤال الأهم ليس: “هل يمكن أن ينتهي يوم من دون تريند؟”، بل: “ما التريند القادم، وماذا يكشف من واقعنا؟”
إقرأ أيضاً: نصائح للبقاء رطباً وصحياً في الصيف: عادات صحية عليك اتباعها