داما بوست-خاص| تعتري الأوساط الداخلية في الكيان الصهيوني حالة من التجاذب والتخبط حيال أي خطوة تصعيد في الشمال مع حزب الله، ويكاد يجمع ساسة وعسكر الكيان على عدم إمكانية خوض أي حرب على المدى القريب مع الحزب الذي يعتبر وبحسب اعتراف الكيان واحداً من 5 قوى عظمى في العالم من ناحية مخزون الصواريخ.
الكيان الصهيوني يعي جيداً أن أي مواجهة مع حزب الله لن تكون في صالحه في الوقت الراهن، فهو بالكاد يمني النفس بالخروج من مستنقع غزة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يعلم جيداً أن لحزب الله قاعدة شعبية كبيرة ولن يكون في مواجهة حزب الله وحسب بل سيكون في مواجهة جميع لبنان الذي يقدر المقاومة وتضحياتها الغزيرة والمستمرة في سبيل اللبنانيين جميعاً.
الإعلام الإسرائيلي والأمريكي يشير باستمرار نحو قوة حزب الله العسكرية، ويؤكد على أن الحزب اللبناني يشكل تهديداً عسكرياً كبيراً للكيان الإسرائيلي، لأنّه يمتلك عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين وأكثر من 100 ألف صاروخ.
حزب الله وباعتراف العديد من قادة الكيان يشكل كابوساً يعيش به جميع مستوطني الكيان ومتزعميهم من عسكر وساسة، وترى القيادة العسكرية تداوم على التصعيد والتحركات التي توحي باستعداد لخوض المغامرة في الشمال ضد حزب الله، لكن الواقع لا يطمئن القوات العسكرية الصهيونية بإمكانية المغامرة التي في أغلب التوقعات من قبل الكيان ستكون خاسرة وكارثية على الكيان.
الاحتلال يقرأ المشهد ويعلم أن أي حرب شاملة ضد لبنان لن تكون بمعزل عن محور المقاومة الذي بدون أدنى شك لن يقف مكتوف الأيدي وسيدخل في الحرب للدفاع عن لبنان وغزة ومقاومتهما، وعن كامل المنطقة التي لن تكون بمعزل عن تداعيات حرب شاملة يشنها الكيان ضد لبنان.
“نتنياهو وغالانت وهاليفي” ثالوث الانتحار الجماعي للكيان، فهم يقودون جيش الاحتلال نحو الخانة القاتلة في غزة، وأصبح السواد الأعظم من مستوطني الكيان يحملون هذا الثالوث مسؤولية أي عمل جنوني باتجاه لبنان سيكون بمثابة انتحار جماعي للكيان الإسرائيلي، فلبنان اليوم غير لبنان الأمس، وحزب الله أقوى من أي وقت مضى في العدة والعديد والعتاد.
الشمال بات في معادلة المقاومة وتحت عينها التي لا تغفل، وجميع مستوطني الشمال أدركوا اليوم أن لا مستقبل لهم في الأرض التي يستوطنون بها، وباتت قناعة لا يمكن الجدال والجدل حولها، ويبدو أن نتنياهو أصبح الكابوس الداخلي الذي يؤرق الإسرائيليين ويردون التخلص منه بأسرع وقت.
جيش الاحتلال وباعتراف القيادة العسكرية الصهيونية وأركان حربها ليس جاهزاً الآن لحرب واسعة في الشمال، ولا لتحقيق إنجاز كبير مزعوم مقابل حزب الله، وحتى بوجود دعم أميركي، ثمة شك بإمكان جيش الاحتلال الإسرائيلي بوضعه الحالي وغير الحالي أن يحقق إنجازاً مقابل حزب الله، بل سيكون خاسراً ويدفع الثمن الباهظ في لبنان أضعافاً مضاعفة عما دفعه في غزة، وشن حرب على لبنان سيقود الكيان إلى كارثة إستراتيجية أكبر من 7 أكتوبر، وسيكون طوفان الشمال أكبر بكثير من طوفان غزة.
وللعلم فإن جيش الاحتلال منذ تأسيسه قبل 76 عاماً، لم يُؤهل لحرب تستمر لتسعة أشهر، وإنما يستدعي قوات الاحتياط بسرعة، ويشن حرباً خلال فترة قصيرة ويعود إلى الوضع الاعتيادي، وجميع الخطط العسكرية التي وضعها جيش الكيان قبل 7 أكتوبر كانت لحرب تستمر لأسابيع معدودة، ولم يتوقع حرباً تستمر لسنة أو لسنين.
جيش الاحتلال الإسرائيلي متعثر وقواته مبعثرة اليوم داخل قطاع غزة، منهكة، جسدياً ونفسياً، واستهلكت حرب غزة حتى اليوم ذخائر أكثر من تقديرات جيش الاحتلال في جميع خططه الحربية، وسيكو ن دخوله في حرب أخرى طويلة الأمد وفتح جبهة في الشمال كارثياً حتى مع إمداد الغرب له بالسلاح والذخيرة.
ويشير عسكريون في الكيان إلى أن نتنياهو يدرك جيداً أن حرباً ضد حزب الله في هذا التوقيت الحساس ستكبده أثماناً أكثر وإنجازات لا تذكر، مهما بلغ حجم الدعم الأمريكي، وعلى “إسرائيل” استخلاص الدروس من الحرب على غزة قبل أن تشن حرباً على لبنان، وتمنى بفشل ذريع متوقع حتى من داخل الكيان ورعاته في الغرب.
“إسرائيل” أهدرت فرصة إنهاء الحرب على غزة بواسطة خطوات سياسية، هذا هو لسان حال معارضي نتنياهو الذين يرغبون في انهاء الحرب التي استنزفت قوى الكيان عسكرياً ونفسياً، ويرغبون أيضاً باستعادة أسراهم لدى المقاومة الفلسطينية، ويبدو أن هؤلاء أيضاً لا يرغبون بالتصعيد مع حزب الله ويمنون النفس بتسويات سياسية تبعد عنهم كابوس المقاومة اللبنانية القادرة على دك عمق الكيان وسحق معادلة الردع الإسرائيلي، وتحقيق النصر على جيش الاحتلال بالرغم من ترسانته العسكرية ودعم الولايات المتحدة.