سمّوها “روح” الكهرباء.. الأمبيرات نعمة بديلة أم نقمة جديدة على المواطن؟

داما بوست – كلير عكاوي 

بات المواطنون يفضّلون “الكحل” عبر اللجوء إلى بدائل الكهرباء بدلاً من “العمى”، الذي يسبّبه شُحّها وشبه انعدامها وسط التقنين الجائر في البلاد، فمنهم من بقي على ضوء الشمعة، ومنهم من لجأ إلى إنارة حديثة، وما على ألسنتهم إلا “لاحول ولا قوة”.

وتبادل المواطنون الأحاديث عن “الأمبيرات”، مؤخراً، بعدما أتاحت الجهات المعنية إمكانية ترخيصها للمنازل والمحلات في ريف دمشق، بسعر 5200 ل.س للكيلو واط الواحد.

وقال الموظف عصام (35 عاماً)، وهو من سكان ريف دمشق لـ “داما بوست”: “خيارات الكهرباء البديلة ليست جيّدة لأنها مكلفة جداً وثقيلة على جيب المواطن، حيث بات يختار الأفضل من الأسوأ، إما أن يدفع بقرة جحا أو يعيش في الظلمة”.

“أمبيرات” الراتب و”روح” الكهرباء!

تساءلت المعلمة “نجاح” (50 عاماً)، وهي من سكان ريف دمشق: “هل يستطيع المواطن دفع أجرة الأمبيرات من راتبه الشهري الذي يقدّر وسطياً بـ 200 ألف ل.س، أم أن بدائل الكهرباء حكراً على ميسوري الحال؟، مثل حال الطاقة البديلة”.

وشبّه العم “سمير” ضاحكاً، والذي يعمل في تربية الدواجن في ريف دمشق، ” الأمبيرات بروح الكهرباء على مبدأ روح النعنع الذي يكون بمراتب بديلة عند عدم توفر المادة الأساسية”، قائلاً: “حتى لو اختلفت التسميات النتيجة واحدة، نريد التنعّم بالكهرباء لو على حسابنا”.

بدوره، أكد عضو المكتب التنفيذي لقطاع الكهرباء في محافظة ريف دمشق خليل داود لـ “داما بوست”، أن تركيب الأمبيرات يغذّي المنازل والمحلات الصناعية والتجارية في ريف دمشق

وبالرغم من رأي بعض التجار والصناعيين بتكلفة الاشتراك على أنها “ما بتوفّي”، إلا أن قرار الأمبيرات كان بمثابة طاقة الفرج للكثيرين، حيث خففت معاناتهم في تأمين المحروقات بأسعار “خياليّة”، وتشغيل مولّداتهم الفردية.

“اسآل مجرّب”!

أبصرت الأمبيرات النور في المناطق المتضررة ببعض أرياف دمشق التي ذاقت المر خلال سنوات الحرب في سوريا كحلاً بديلاً عن الكهرباء، وكان للمدنيين تجارباً ناجحة بالتعامل مع هذا الاشتراك.

وأفاد عضو المكتب التنفيذي بأن مولدات الأمبيرات القائمة قبل صدور القرار، عليها الالتزام بشروط الترخيص والتسعيرة المحدّدة من قبل المحافظة.

وأضاف: “التسعيرة هي 5200 ليرة سورية للكيلو واط الواحد، وتستطيع البلديات إضافة من 1 إلى 5% على التسعيرة الرسمية بحسب وضع كل وحدة إدارية”.

من جهته، استعرض الصحفي هاني هاشم (38 عاماً) تجربته لـ “داما بوست”، وهو أحد سكّان ريف دمشق، قائلاً: ” الأمبيرات نعمة، لأنها توفّر للمواطن الكهرباء 24 ساعة عند الاشتراك، وله حق الخيار في كمية استهلاكه.. على قد ما بتصرف بتدفع”.

وعن تكاليف الأمبيرات التي تفوق المرتّب الشهري للمواطن، أضاف “هاشم”: “أنا أدفع 400 ألف وسطياً كل شهر، أي ما يعادل 100 ألف ليرة سورية تقريباً كل أسبوع، مقابل إنارة المنزل وشحن الهواتف ومشاهدة التلفزيون وتشغيل الغسالة الأوتوماتيك”.

“وبالرغم من تكلفة الأمبيرات التي أرهقت كاهل المواطن حتى لو كان ميسور الحال نوعاً ما، إلا أنها أنهت شبح السؤال المتكرر في كل منزل وهو، ايمت رح تجي الكهربا؟”، بحسب “هاشم”.

“يادوب شغّل لمبة!” 

“تحتاج العائلات إلى كمية ليست بقليلة من الكيلو واط لكي تحظى بحياة كهربائية هادئة، وإنارة منزلية جيدة، لأن الواحد منها يادوب بشغّل لمبة”، بحسب ما وصف “هاشم”.

ويجني أصحاب مولدات الأمبيرات 10 آلاف ل.س تقريباً للكيلو واط الواحد في بعض المناطق الريفية مثل عربين وزملكا والتل ومنين ومعربا وصحنايا وأشرفية صحنايا وداريا وجديدة عرطوز وغيرها، وهو ضعف ما حدّدته الجهات المعنية رسمياً في قرارها الأخير.

وتساءل الصحفي هاشم، كيف سيلتزمون في السعر؟، مشبّهاً الأمبيرات بألواح الطاقة البديلة من حيث الفائدة، حتى لو كانت الأخيرة تتحلّى بميزة الدفع لمرة واحدة مقابل تشغيل كل شيء.

من جانبه، أوضح عضو المكتب التنفيذي لقطاع الكهرباء في محافظة ريف دمشق خليل داود، أن البلدية توافق على العرض الأفضل من المتقدمين، والشخص الذي يستوفي كامل الشروط، يقوم بالترخيص، حيث يكتب عقد استثمار معها، إضافة إلى وجود نموذج عقد بينه وبين المشترك الذي يتم تثبيته رسمياً.

الأمبيرات ضجيج غير مؤقت!

رغم وجود نظام الأمبيرات في حلب ومعاناة الأهالي من ضجيج غير مؤقت ورائحة صاخبة مصدرها المولدات المتكتّلة بجانب الأرصفة في أغلب الأحياء، إلا أن أصحاب التجربة في ريف دمشق لا يلمسون ذلك.

وأكد الصحفي “هاشم” أن المولدات في ريف دمشق ضخمة ومعزولة بمستودعات، وأصواتها غير مسموعة، ورائحتها لا تفوح أبداً على أعتاب المنازل، وكل واحدة منها مسؤولة عن تغذية أكثر من حي.

من جانبه، قال داود: “تهتم الشروط المعمّمة من قبل محافظة ريف دمشق بالمكان المناسب بعد موافقة مديرية البيئة، إضافة إلى مراعاة موضوع الضجيج والانبعاثات الناتجة عنها”.

وعن مدة تشغيل المولدات، لفت المسؤول في قطاع الكهرباء أن المدة تكون بحسب المنطقة وحاجة المواطنين، علماً أن المحافظة ألزمت المستثمرين ضمن التعليمات تغذية المنشآت الحيوية الرسمية وإنارة الشوارع”.

ويختلف موضوع الأمبيرات بين حلب وريف دمشق، ومن الممكن تفسيرها على أن الأولى مسبقة الدفع والثانية لاحقة الدفع، لأن أهالي حلب يدفعون قبل الاستهلاك “أمبير” من خلال تحديد الاستطاعة، أما في ريف دمشق يتعاملون مع العدّاد ويدفعون لاحقاً بقدر ما يستهلكون “بالكيلو واط”

هوائية الأسلاك وكارثية المازوت!

عانى أصحاب التجربة من الأسلاك الهوائية المرتبطة بمولدات الأمبيرات، والتي تغذّي الأبنية في الكثير من الأحياء، حيث قال هاشم: “اعتماد الأمبيرات في ريف دمشق راقٍ، ولكن يجب معالجة عشوائية الأسلاك”.

بدوره، قال داود: “من الممكن أن تكون تمديدات الأسلاك هوائية أو أرضية، بحسب الاتفاق، ولكن يمنع استخدام أعمدة الكهرباء”.

أما عن موضوع المازوت، وصف الصحفي الوضع بـ “الكارثي” لأن أصحاب المولدات لا يحصلون على المادة مدعومة أو صناعية، فيعتمدون على شرائها من السوق السوداء، وبالتالي يرفعون سعر الكيلو واط بما يتناسب مع ذلك”.

وأكدت مصادر أهلية لـ “داما بوست” أن بعض أصحاب المولدات كانوا يتعاملون مع عدد من سائقي السرافيس قبل تركيب جهاز”GPS” لتأمين المادة، إضافة إلى الحصول عليها من بعض المواطنين الذين يبيعون مخصصاتهم”.

وأفادت المصادر بأن أصحاب المولدات باتوا يلجؤون إلى طرق ملتوية في تشغيلها عبر خلط مادة المازوت مع أخرى محترقة، لتخفيف عبء البحث عن تأمينها، علماً أن الجهات المعنية تخالف القائمين على ذلك في جولات مراقبتها.

“يحق لأي مولِّد استوفى ترخيصه تقديم طلب مازوت عبر البلدية، والتي بدورها ترفعه إلى لجنة المحروقات في المحافظة، إلى أن تكشف عن المكان وتقدّر حاجته من الكميات، ثم تزوّده بالمادة بقرار منها”، بحسب داوود.

وتبقى استفسارات المواطنين مفتوحة الإجابة جرّاء تردي واقع الكهرباء وفترات التقنين التي تتجاوز 6 ساعات، فالبعض يواجهون الواقع ويزوّدون منازلهم ومحالهم بالأمبيرات مهما كان الثمن، وآخرون لا يتذكرون من الكهرباء إلا اسمها وضوء الشمس.

تابعونا على فيسبوك تلغرام تويتر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار
وزير التجارة ‏الداخلية: مخزون القمح يكفي لأكثر من ‏عام.. التشدد باتخاذ أقصى العقوبات ‏للمحتكرين استقرار سعر غرام الذهب في السوق المحلي استقرار أسعار النفط قبل اجتماع "أوبك+" من واشنطن.. الملك عبدالله الثاني يؤكد رفضه كل ما يهدد أمن واستقرار سوريا ريال مدريد يتكبد الهزيمة الثانية في الليغا الحرارة حول معدلاتها وأمطار محلية خفيفة متوقعة على بعض المناطق أبرز المباريات العربية والعالمية اليوم الخميس في اليوم الـ426 للعدوان.. حملة اعتقالات واسعة تطال نابلس ليفربول يتعثر أمام نيوكاسل.. والسيتي يستعيد ذاكرة الانتصارات وزير الخارجية المصري يؤكد في محادثات مع نظيريه الإيراني والأميركي وقوف بلاده إلى جانب سوريا كوريا الديمقراطية تؤكد دعمها وتضامنها الكاملين مع سوريا تونس تندد بالهجمات الإرهابية شمال سوريا بضغط عشائري.. "قسد" تسمح للوافدين العرب بالدخول لمناطقها مصدر في وزارة الكهرباء يبين الوضع الكهربائي في محافظة حلب بعد دخول الإرهابيين إليها وزير الخارجية لـ قائد قوة الأمم المتحدة بالجولان: نرفض الإجراءات غير القانونية للاحتلال المالكي يدعو للوقوف مع سوريا بوجه الإرهاب: سقوطها يعني استباحة المنطقة بأكملها "السادة المعامرة الأشراف" بالحسكة: الالتفاف حول الجيش في حربه ضد المجاميع الإرهابية مجلس الشعب يقر مشروع قانون موازنة 2025 قوائم لاهاي السوداء وشبح الاعتقال يطاردان جنود الاحتلال وقادتهم عضو المكتب التنفيذي بريف دمشق لداما بوست: حوالي 40 ألف وافد من حلب وحماة السـورية للطيران: معالجة كافة تذاكر سفر الوافدين من محافظة حلب بكل مرونة مدير النقل الطرقي يتحدث لـ "داما بوست" عن الاجراءات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بنقل حلب عشائر دير الزور برسالة للتحالف الأميركي: لسنا تنظيم "داعش".. وسنتعامل مع أي معتد مصدر في وزارة التموين لـ "داما بوست": المخابز تعمل بكامل طاقتها في جميع المناطق دون الحاجة لأوراق ثبوتية.. التربية والتعليم العالي: يمكن للطلبة الوافدين من حلب الالتحاق بالمدارس وا...