من “البسطة” إلى قيادة الميكروباص.. نساء سوريا يكسرن حاجز المهن “للرجال فقط” وسط تحولات الحرب
بينما يستعد العالم لاستقبال العام الجديد، ترتسم في شوارع دمشق ملامح “ثورة ناعمة” لم تكن لتحدث لولا قسوة العقد الأخير.
في أحد مواقف السيارات، تقف “أميمة” لتسجل أوقات الوقوف والمغادرة، وفي “الجسر الأبيض” تدير “ناهد” بسطة لبيع الدخان.
قصص هؤلاء النسوة ليست مجرد كفاح فردي، بل هي انعكاس لتحولات بنيوية عميقة طرأت على المجتمع السوري ما بين 2011 و2025.
أرقام تتحدث: من الزراعة إلى قيادة الاقتصاد
قبل عام 2011، كانت مشاركة المرأة السورية في سوق العمل لا تتجاوز 12-17%، محصورة غالباً في التعليم والصحة.
اليوم، تشير تقديرات المحللين الاقتصاديين إلى أن هذه النسبة قفزت لتتجاوز 25%.
ويعلق المحلل الاقتصادي شادي سليمان لـ موقع “العربي الجديد” قائلاً: “المرأة لم تعد متلقية للمساعدة، بل أصبحت المعيل الرئيسي لآلاف الأسر مع غياب الرجل بسبب الحرب أو الهجرة.
لقد دخلت مجالات الحرف اليدوية، التجارة المحلية، وحتى مهن كانت حكراً على الرجال كسياقة التاكسي والميكروباص”.
الاقتصاد غير الرسمي: طوق النجاة
ساهم انخراط السوريات في “القطاع غير الرسمي” (البيع بالتجزئة، الورش المنزلية) في الحد من الفقر المدقع.
وبحسب سليمان، فإن هذا التواجد عزز “التماسك الاجتماعي” وزاد من مرونة الاقتصاد المحلي في مواجهة الأزمات المتلاحقة.
وجهة نظر مغايرة: الاستثمار في “بناء الإنسان”
على الجانب الآخر من النقاش، يطرح الخبير المصرفي إبراهيم نافع قوشجي رؤية توازن بين العمل والأسرة.
ويرى قوشجي أن الاستثمار الحقيقي في المرأة لا يجب أن يقتصر على الإنتاج المادي، بل في دورها كـ “صانعة للأجيال”.
“تطور المجتمعات لا يُقاس بالثروات فقط، بل بمدى الاستثمار في فكر ووعي الإنسان. المرأة التي تربي جيلاً واثقاً تضع حجر الأساس لمجتمع حضاري متماسك”.
ويحذر قوشجي من “الاستنزاف الجسدي” للمرأة التي تتحمل عبء العمل المزدوج (خارج وداخل المنزل) دون بيئة داعمة.
داعياً إلى تبني نماذج “العمل المرن” أو الريادة من داخل المنزل للحفاظ على النسيج الاجتماعي.
تحديات وتوصيات للمستقبل
رغم هذا الحضور القوي، لا تزال المرأة السورية تواجه عوائق متمثلة في:
-
صعوبة الوصول للتمويل: الحاجة لقروض ميسرة لدعم المشاريع الصغيرة.
-
الفجوة في الأجور: ضرورة إصلاحات تشريعية تضمن المساواة.
-
التدريب المهني: أهمية دمج النساء في قطاعات التكنولوجيا والخدمات المالية.
إقرأ أيضاً: الانتهاكات خلال عام الانتقال السياسي
إقرأ أيضاً: رفع العقوبات: من العزلة الدولية إلى الانفتاح المشروط