سرقة الكوابل تعيد انقطاع الكهرباء إلى ريف دمشق رغم تحسّن التغذية
على الرغم من التحسن النسبي الذي طرأ على واقع التغذية الكهربائية في ريف دمشق خلال الأشهر الماضية، عادت ظاهرة سرقة الكوابل الكهربائية لتفرض نفسها مجددًا كأحد أبرز التحديات التي تؤثر على استقرار الخدمة، متسببة بانقطاعات طويلة عن أحياء كاملة، خصوصًا مع بداية فصل الشتاء.
ولم تعد هذه السرقات حوادث متفرقة تُعالج خلال ساعات، بل تحولت في بعض المناطق إلى مشكلة مزمنة، حيث ينتظر السكان أسابيع، وأحيانًا شهرًا كاملًا، لإعادة التيار الكهربائي بعد سرقة الكابل المغذي لأحيائهم.
عائلات بلا كهرباء منذ أسابيع
منذ نحو ثلاثة أسابيع، تعيش عائلة مريم داوود في منطقة الكسوة دون كهرباء، بحسب ما قالت، موضحة أنها تقدمت بشكوى إلى مديرية الكهرباء في المنطقة، لكنها لم تتلقَّ سوى وعود متكررة بإصلاح قريب لم يُنفذ حتى الآن.
وتصف مريم واقع أسرتها بأنه بالغ الصعوبة، إذ تعتمد العائلة على الشموع للإضاءة، في وقت يضم المنزل ثلاثة طلاب مدارس، ما ينعكس سلبًا على قدرتهم على الدراسة وإنجاز واجباتهم المدرسية في ساعات المساء، في ظل إضاءة خافتة لا تساعد على القراءة أو التركيز.
وطالبت مريم الجهات المعنية باتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة هذه الظاهرة، مؤكدة ضرورة تفعيل دوريات أمنية لمراقبة الأحياء ومنع تكرار سرقة الكوابل.
تداعيات يومية على العمل والدراسة
في منطقة حجيرة بريف دمشق، تعيش المعلمة جمانة فلاح ظروفًا مشابهة، إذ انقطع التيار الكهربائي عن منزلها منذ أسبوعين نتيجة سرقة الكابل المغذي لحارتها.
وتشير جمانة إلى أنها تضطر لشحن أجهزتها الكهربائية لدى جيرانها في حارة مجاورة، وهو أمر بات يسبب لها إحراجًا متكررًا، فضلًا عن الصعوبات التي تواجهها في تحضير الدروس وتصحيح أوراق الطلاب خلال فترة الامتحانات.
ولا تقتصر المعاناة على الجانب التعليمي، إذ تضطر جمانة لغسل الملابس يدويًا بسبب توقف الغسالة الكهربائية، ما يضاعف الجهد والإرهاق اليومي، ويؤثر على جودة الغسيل مقارنة باستخدام الأجهزة المنزلية.
وترى جمانة أن تخصيص دوريات أمنية لكل حارة قد يكون أمرًا صعبًا، لكنها تقترح بالمقابل تفعيل لجان شعبية في الأحياء، تتولى مراقبة التحركات المشبوهة، وإبلاغ الجهات المختصة أو تسليم اللصوص عند ضبطهم، معتبرة أن الظاهرة لم تعد تحتمل التأجيل.
شهر بلا كهرباء في الحجر الأسود
أما في منطقة الحجر الأسود، فيؤكد رامي الأسعد أن منزله بلا كهرباء منذ نحو شهر كامل، نتيجة سرقة الكابل الكهربائي، ما اضطره لتحويل شحن الأجهزة الكهربائية إلى مهمة يومية، حيث ينقل بطاريات الإنارة والهواتف المحمولة إلى محال تجارية تقوم بشحنها مقابل أجر مادي.
ويشير رامي إلى أن هذا الحل مرهق، لا سيما عند التعامل مع بطاريات ذات وزن ثقيل، مضيفًا أنه لم يلمس أي نتيجة عملية لشكاواه المقدمة إلى مديرية الكهرباء، سوى وعود متكررة دون تنفيذ.
وبرأي رامي، فإن معالجة المشكلة تتطلب تعاونًا حقيقيًا بين الجهات الحكومية والأهالي، من خلال تشكيل لجان شعبية في الحارات، إلى جانب فرض عقوبات صارمة ورادعة بحق المتورطين بسرقة الكوابل، لما لذلك من أثر في الحد من انتشار الظاهرة.
وزارة الطاقة: الإمكانيات محدودة
في المقابل، أرجع المكتب الإعلامي في وزارة الطاقة تأخر إصلاح الأعطال واستبدال الكوابل المسروقة إلى الإمكانيات المحدودة المتاحة حاليًا، مشيرًا إلى أن قطاع الكهرباء يُعد من القطاعات الخاسرة التي تتحمل الدولة أعباء مالية كبيرة لدعمه.
وأوضح المكتب أن عملية جباية فواتير الكهرباء لم تكتمل بعد بالشكل المطلوب، ما يزيد من الضغوط المالية على القطاع، إضافة إلى وجود نقص في كميات الكوابل الكهربائية اللازمة لإجراء الإصلاحات السريعة.
وأكد أن الوزارة تعمل على تأمين هذه الكميات خلال الفترة المقبلة، وأن المؤسسة العامة للكهرباء تباشر عمليات الإصلاح فور توفر المواد المطلوبة.
إجراءات أمنية لمكافحة الظاهرة
وأشار المكتب الإعلامي في وزارة الطاقة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات للحد من التعديات على الشبكة الكهربائية وسرقة الكوابل، عبر تنسيق مشترك بين الوزارة والمؤسسة العامة للكهرباء من جهة، ووزارة الداخلية من جهة أخرى.
وبحسب المكتب، تقوم المؤسسة العامة للكهرباء بإبلاغ وزارة الداخلية فور تسجيل أي شكوى أو انقطاع ناجم عن سرقة الكوابل، لمتابعة الموضوع وإجراء التحريات اللازمة، في محاولة للقبض على المتورطين والحد من تكرار هذه الحوادث.
وبين شكاوى السكان وضيق الإمكانيات الرسمية، تبقى سرقة الكوابل الكهربائية واحدة من أبرز التحديات التي تعيد أزمة الكهرباء إلى واجهة المشهد الخدمي في ريف دمشق، وتطرح تساؤلات حول الحلول المستدامة الكفيلة بحماية الشبكة وضمان استمرارية الخدمة.
اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة