لقاء أمني لبناني–سوري يؤسس لمرحلة جديدة من التنسيق المؤسساتي
شهدت العلاقات اللبنانية–السورية اليوم تطورًا لافتًا على المستوى الأمني، مع انعقاد لقاء رسمي بين وفدين من وزارتي الداخلية في البلدين، في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها منذ سقوط النظام السوري السابق، وتمثل بداية عملية لطيّ صفحة الحقبة الماضية وفتح مسار جديد من التعاون المؤسساتي.
الاجتماع عُقد صباح الأربعاء، 29 تشرين الثاني، في أوتيل “الحبتور” بمنطقة سن الفيل، بحضور مدير عام قوى الأمن الداخلي اللبناني اللواء رائد عبدالله، ومدير عام الأمن العام اللواء حسن شقير، إلى جانب وفد سوريّ رفيع المستوى برئاسة مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية اللواء عبدالقادر طحّان، وضمّ 14 ضابطًا أمنيًا.
وبحسب معلومات صحيفة “المدن”، بحث الجانبان خمسة ملفات رئيسية تُعتبر من أكثر القضايا حساسية في العلاقة بين بيروت ودمشق، وهي: المباحث الجنائية، الهجرة والجوازات والأحوال الشخصية، مكافحة المخدرات، مكافحة الإرهاب، وإدارة المعلومات. وقد تم تشكيل خمس لجان مشتركة من ضباط سوريين ولبنانيين لتوسيع النقاش حول هذه الملفات ووضع تصوّرات عملية لمعالجة الثغرات القائمة.
مصدر أمني لبناني أوضح أن الهدف من اللقاء هو معالجة الخلل القائم في التنسيق الأمني بين البلدين، ومناقشة سبل ضبط الجرائم العابرة للحدود. كما تطرّق البحث إلى مسألة السوريين المقيمين في لبنان بصورة غير شرعية، وطرق التعامل معهم، إضافة إلى مناقشة أوضاع السجناء السوريين في السجون اللبنانية وآليات التعامل الأمني والقانوني معهم.
اللقاء لم يقتصر على الجانب التقني، بل حمل دلالات سياسية واضحة على تغيّر في الذهنية التي تعتمدها دمشق، وفق ما نقلته “المدن”. فالمصادر أشارت إلى أن وزارة الداخلية السورية بدأت بتطبيق إجراءات جديدة تعكس توجهًا نحو تحديث العمل الإداري والأمني، من بينها استبدال مصطلحات كانت تُستخدم في السابق مثل “التفييش”، في خطوة يُراد منها الإيحاء بأن “سوريا الجديدة” تتجه لترسيخ مؤسسات الدولة والقانون.
ومن المقرر أن تُعدّ كل لجنة مشتركة مسودة اتفاق حول الملف الذي ناقشته، تمهيدًا لعرضها على وزيري الداخلية في البلدين، اللبناني أحمد الحجار، والسوري أنس خطاب. وبحسب المصادر، سيُبحث في الاجتماعات المقبلة ما إذا كانت هذه المسودات ستُدرج ضمن الاتفاقيات الأمنية السابقة بعد تطويرها، أم سيُصار إلى توقيع اتفاقيات جديدة، مع إمكانية التوسّع لاحقًا نحو مناقشة ملف ترسيم الحدود بين البلدين.
بهذا اللقاء، يبدو أن لبنان وسوريا يفتتحان مرحلة جديدة من التعاون الأمني القائم على التنسيق المؤسسي وتبادل المعلومات، في محاولة لتجاوز إرث العلاقة القديمة والانطلاق نحو شراكة أمنية أكثر وضوحًا وتنظيمًا.
اقرأ أيضاً:لبنان يعين هنري قسطون سفيراً جديداً لدى سوريا بعد غياب لأكثر من عقد