سوريا: دورة إعداد “التوجيه المعنوي” في الحكومة الانتقالية – صراع داخلي ورؤية استراتيجية

في أواخر آذار (مارس) 2025، أعلن عن تشكيل “هيئة التوجيه المعنوي” ضمن وزارة الدفاع السورية في الحكومة الانتقالية، بهدف تدريب وتأهيل كوادر للعمل في الجيش الوطني السوري ضمن هيكلية عسكرية جديدة. لكن مع بداية الدورة التدريبية التي تشمل مئات من عناصر “هيئة تحرير الشام” السابقين والفصائل الأخرى، بدأت تبرز التوترات الداخلية حول الأهداف الحقيقية وراء هذه الخطوة.

الدورة التدريبية: هدف مزدوج أم تحول استراتيجي؟

قُدِمت الدورة على أنها فرصة لتدريب الكوادر على كيفية تقديم التوجيه المعنوي لعناصر الجيش الوطني، وهو ما كان جزءاً من خطة “وزارة الدفاع” التي اعتبرت أن لكل مئة عنصر عسكري يجب أن يكون هناك موجِه. على الرغم من ذلك، كانت الدورة مغلقة، تضمنت تدريبات مكثفة في مجال العقيدة والفقه، وشهدت اعتراضات كبيرة من قبل بعض المشاركين الذين اعتبروا أن أهداف الدورة تتجاوز مسألة التدريب العسكري وتستهدف ترويج تحولات قيادة الجيش باتجاه فتح أبواب التعامل مع الغرب وتبني سياسات جديدة قد تشمل الاعتراف بـ”إسرائيل” أو التعاون مع “الأقليات”.

الاعتراضات والتحولات في فكر القيادة العسكرية:

من بين أبرز المعترضين كان أبو زيد الجزائري، أحد كبار شرعيي “هيئة تحرير الشام”، الذي ألقى محاضرة أكد فيها ضرورة التزام الموجهين بالمرجعية المعتمدة، محذرًا من تجاوز المقررات والفتاوى العسكرية التي تتبناها القيادة. بينما تحدث حسن الدغيم، المشرف على الدورة، عن مواقف التحولات السياسية في سوريا، مشيرًا إلى التفاوض مع “إسرائيل” وكسب الوقت لمواجهة الغرب.

أحد أهم المحاضرين كان أبو إبراهيم التونسي، الذي أوضح في حديثه أن «الشرع» لا يقتصر على تطبيق الحدود وتسيير الحسبة، بل يتطلب بناء المؤسسات العسكرية، وتوفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، والتحضير لمعارك فاصلة في المستقبل. ورغم وجود بعض الاعتراضات على هذه الأفكار من قبل بعض المشاركين، إلا أن هذه الدورة كانت تعكس رؤية القيادة العسكرية في بناء سوريا المستقبل.

الخلافات ونتائج الدورة: فرص ضائعة أم تحولات كبرى؟

الاختبارات اليومية لم تكن فقط محط اختبار للمعرفة الدينية، بل أيضًا لدرجة قبول المشاركين لهذه التوجهات الجديدة. ورغم أن بعض المتدربين اعترضوا على التحولات الفكرية التي كانت تروج لها القيادة الجديدة، فإن الدورة انتهت بفصل المعترضين. أما بالنسبة للمتدرب الذي قرر تجاوز الدورة دون إتمامها بشكل كامل، فقد فشل في استكمال ما كان يمكن أن يكون فرصته للانضمام إلى الجهود العسكرية الكبيرة.

ومع توقف الدورات بعد فترة، بدأت تتضح التحديات التي تواجهها الحكومة الانتقالية في دمج الفصائل المختلفة تحت مظلة واحدة، وكيف أن التحولات الفكرية والسياسية التي تسعى إليها القيادة العسكرية قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في المشهد السوري خلال السنوات المقبلة.

خاتمة:

هذه الدورة التدريبية لم تكن مجرد برنامج تدريبي عسكري بحت، بل كانت مرآة للتوجهات السياسية والعسكرية التي يسعى النظام الجديد لتحقيقها. في الوقت الذي يبدو أن بعض المشاركين في الدورة لا يزالون يرفضون هذه التحولات، من المحتمل أن هذه الخطوات تشير إلى تغيرات جذرية في بنية الجيش السوري وتوجهات الحكومة الانتقالية.

المصدر: حسام جزماتي -الجمهورية نت

إقرأ أيضاً: الفصائلية تحكم السلطة الانتقالية في سوريا.. والجيش الجديد يعيد إنتاج المشهد القديم

إقرأ أيضاً: سوريا: دمج فصائل مسلحة تحت القيادة الأمريكية… خطوة استراتيجية أم تحضير لانقلاب أو ممر داوود؟

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.