حملة إزالة في البزورية تشعل الجدل بين التجّار ومحافظة دمشق

يشهد سوق البزورية في دمشق القديمة توتراً متصاعداً بين تجّاره ومحافظة دمشق، على خلفية حملة واسعة تنفّذها الأخيرة لإزالة ما وصفته بـ“الإشغالات المخالفة” في الأسواق التراثية، ضمن خطة تهدف ـ بحسب المحافظة ـ إلى “إعادة الانضباط وإظهار الوجه الحضاري للعاصمة”.

غير أن هذه الخطوات، التي شملت أيضاً أسواق الحميدية ومدحت باشا وشارع الأمين وساحة المسكية، أثارت استياء واسعاً في أوساط تجار البزورية الذين اعتبروا أن القرارات “غير منطقية” وتؤثر سلباً على النشاط التجاري في سوق يعاني أصلاً من ركود طويل بسبب الأزمة الاقتصادية وتراجع الحركة السياحية.

مخالفات “بالشبر”

تجار البزورية أوضحوا في تصريحات لموقع صوت العاصمة أن المحافظة تفرض عليهم مخالفات مالية أسبوعية تتراوح بين مليون ومليون ونصف ليرة، مشيرين إلى أن تلك الإجراءات باتت “شكلية وجائرة”، إذ تُسجَّل أحياناً بسبب تجاوز “لا يتعدى شِبراً واحداً”.

وأوضح أحد التجار أن طبيعة السوق الأثرية جعلت من البسطات الصغيرة أمام المحال التجارية جزءاً من طابعه التقليدي منذ عقود، وأنها لا تُعيق حركة المارة كما تدّعي المحافظة. فيما أشار آخر إلى أن الإشكال الأساسي يتعلق باستخدام الرصيف، لافتاً إلى أن أبواب المحال الكبيرة تمتد فوقه بطبيعتها الإنشائية، وأن السماح السابق باستغلال 60 سنتيمتراً فقط منه “لا يغيّر شيئاً فعلياً في حركة المرور”.

بين النظام والفوضى

في المقابل، دافع عدد من المواطنين عن حملة المحافظة، معتبرين أنها خطوة ضرورية لإعادة النظام إلى الأسواق القديمة بعد أن “تحولت الممرات إلى أزقة خانقة”.

وكتب أحد المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي: “لو أن التجار التزموا بعقلانية واحترموا المارة لما اقترب أحد منهم. كل واحد منهم تجاوز جاره بالمتر حتى لم يعد الزائر قادراً على المشي.”
بينما قال آخر: “البلدية معها حق، البضائع في الشوارع والغبار فوقها والمارة تتدافع. السوق كان فوضى بكل معنى الكلمة.”

جدل أبعد من السوق

الصحفية يمان عمّوري علّقت على الجدل الدائر بمنشور على منصة “إكس”، معتبرة أن حملة المحافظة تأتي ضمن “سياسة ونهج أوسع”، وقالت: “استملاك الأراضي ببساتين المزة وكفرسوسة، ببساتين العدوي، بأبو جرش… إهمال إعادة إعمار جوبر والقابون، وهلأ لاحقين تجار البزورية ع مخالفات عم يحسبولن ياها بالشبر! شغل كلو ع السريع ومو مستنيين أي تشريع.”

وأضافت عمّوري أن “التغيير في دمشق مستمر ولكن مع فئة جديدة من المتنفذين”، في إشارة إلى ما وصفته بتحوّل في تركيبة السلطة الاقتصادية بعد سقوط نظام الأسد وتشكيل الحكومة الانتقالية.

سياسة “تنظيم” أم “استحواذ”؟

الجدل الدائر حول البزورية لم يعد مقتصراً على تفاصيل المخالفات، بل امتدّ إلى سياق أوسع يعكس التحولات الاقتصادية والاجتماعية في العاصمة السورية.
فبينما تؤكد المحافظة أن حملتها “تهدف إلى إعادة الانضباط للأسواق التراثية وحماية طابعها التاريخي”، يرى كثير من المراقبين أن الإجراءات الحالية تعبّر عن سياسة استحواذ جديدة على الفضاء التجاري في المدينة القديمة، قد تعيد رسم ملامح النشاط الاقتصادي لصالح فئة محددة من رجال الأعمال الجدد.

وفيما يستمر تنفيذ الحملة على الأرض، يبقى سوق البزورية ـ برائحته العطرة وتاريخه العريق ـ واجهةً لصراع أعمق بين إرث المدينة الاقتصادي وبين محاولات إعادة تشكيله وفق معايير السلطة الجديدة.

اقرأ أيضاً:احتجاج مرتقب في حقوق دمشق ضد العودة للنظام التقليدي

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.