العراق وسوريا يتخذان خطوة استراتيجية لـ”إنعاش” اقتصاداتهما وتعزيز التعاون الإقليمي

في مؤشر قوي على تحوّل العلاقات بين العراق وسوريا نحو مسار التعاون العميق، تتجه السلطات العراقية والسورية نحو إعادة التشغيل الرسمي لمنفذ الوليد الحدودي.

هذه الخطوة تتجاوز البعد الإداري لتمثل فرصة استراتيجية لإحياء الروابط الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسية بعد سنوات من الفتور والتقلبات الأمنية.

منفذ الوليد: شريان الحياة الاستراتيجي

يعد منفذ الوليد (الموجود في محافظة الأنبار) أحد المنافذ البرية الأربعة الرئيسية بين البلدين، والأهم استراتيجياً.

حيث يقع في قلب البادية الصحراوية وهو النقطة الحدودية الرئيسية على الطريق السريع بين بغداد ودمشق.

وبعد توقف دام طويلاً نتيجة الأحداث الأمنية في المنطقة، بدأت بغداد ودمشق خطوات فعلية لتفعيل المنفذ، في مسعى واضح لتنشيط الحركة التجارية وتعزيز التعاون الاقتصادي.

انخفاض الأسعار وتسهيل سلاسل الإمداد

أجمع الخبراء والمختصون على أهمية هذه الخطوة، حيث أكد عضو مجلس الأعمال السوري – العراقي، محمد جاسم الحراك، أن إعادة الافتتاح تمثل “فرصة حقيقية لتوسيع النشاط التجاري”.

وأشار إلى أن توقف المنفذ تسبب في ارتفاع التكاليف وتعطيل سلاسل التوريد.

الفوائد الاقتصادية الفورية للطرفين:

للعراق: استيراد المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية (كالخضروات والفواكه والمنسوجات والأدوية) من سورية بأسعار تنافسية، مما ينعكس إيجاباً على انخفاض تكاليف المعيشة داخل الأسواق المحلية.

لسوريا: فتح آفاق لتصريف فائض الإنتاج في مجالات الزراعة، الثروة الحيوانية، والصناعات النسيجية، بعد سنوات من التضييق.

طموحات بغداد: من النفط إلى التكامل الإقليمي

يرى الخبير الاقتصادي حسن أحمد أن تفعيل المعابر ليس مجرد تبادل تجاري تقليدي، بل هو خطوة استراتيجية لتحقيق مشاريع مشتركة ضخمة:

  1. خط أنابيب النفط: تطمح بغداد إلى استكمال خط أنابيب نفط كركوك عبر الأراضي السورية وصولاً إلى الموانئ السورية على البحر المتوسط، مما يعزز الحصة السوقية العراقية في الأسواق الأوروبية.
  2. إدارة الموارد المائية: التعاون المشترك في إدارة الموارد المائية لضمان الاستدامة لكلا البلدين.
  3. التكامل الإقليمي: ربط مشروع طريق التنمية” العراقي بمنظومة بلاد الشام، ما يعزز التكامل الإقليمي ويجذب الاستثمارات المشتركة.

ويؤكد الخبراء أن الاقتصاد يشكل “جسرًا أساسيًا لترطيب العلاقات السياسية والاجتماعية” بين الدول، والمشاريع المشتركة يمكن أن تُؤسس لشراكات استراتيجية طويلة الأمد

نظرة على التبادل التجاري

شهد التبادل التجاري بين البلدين تقلبات حادة بعد عام 2011، حيث انخفضت حصة سوريا من واردات العراق إلى ما لا يتجاوز 5%.

ورغم التحديات، تظهر الأرقام الأخيرة إمكانية التعافي:

2023: بلغت صادرات سوريا إلى العراق نحو 58 مليون دولار، مقابل 27 مليون دولار صادرات عراقية إلى سوريا.

2024: وصل حجم التبادل التجاري عبر معبر القائم (المفتوح جزئياً) إلى نحو مليار دولار، مما يبرهن على الإمكانات الهائلة عند التشغيل الكامل للمنافذ.

هيئة المنافذ الحدودية العراقية أكدت أن الافتتاح الرسمي لمعبر الوليد سيكون قريباً، في رسالة دعم واضحة للتجارة والاقتصاد الإقليمي.

 

إقرأ أيضاً: غرفة تجارة دمشق: آلاف الشركات الجديدة وخطط لتنظيم السوق

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.