أعادت الحكومة السورية السماح باستيراد مكونات تجميع السيارات لصالح شركات التجميع المحلية ذات الصالات الثلاث CKD بعد توقف دام ثلاث سنوات، وذلك بناءً على قرار صادر عن رئاسة مجلس الوزراء بعد توصية اللجنة الاقتصادية.
وتم تكليف وزير الصناعة بتشكيل لجنة فنية برئاسة ممثلين عن الوزارة تضم في عضويتها ممثلين من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية والمالية والمديرية العامة للجمارك ومن يلزم، لوضع التفاصيل الفنية الخاصة بآلية الاستيراد.
وجاء القرار في وقتٍ تشهد فيه السوق المحلية نقصاً حاداً في المركبات الجديدة منذ عام 2011، بسبب منع استيرادها بشكل كامل، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات المستعملة بشكل كبير، حتى أصبحت أضعاف قيمتها الحقيقية.
كما يأتي قرار السماح باستيراد مكونات تجميع السيارات في ظل تراجع قيمة العملة المحلية، وحاجة البلاد إلى استحداث سياسات نقدية جديدة وقرارات من شأنها أن تساهم في الحفاظ على القطع الأجنبي ومنع هدره.
تمويل خارجي!
مدير الاستثمار الصناعي الخاص في وزارة الصناعة “بسام مهنا” أوضح لـ “داما بوست” أن هنالك عدد محدد من الشركات المخوّل لها العمل في هذا المشروع ضمن توصية اللجنة الاقتصادية.
وكشف “مهنا” عن أن زارة الصناعة ستسمح لتلك الشركات بتجميع السيارات وذلك بجزء محدد فقط من الطاقة الإنتاجية، مبيناً أن نسبة 10 بالمئة من هذا الجزء تكون موجهة للسوق المحلية، و90 بالمئة للتصدير.
وذكر “مهنا” أن هذا المشروع سيتم بتمويل خارجي وليس من قبل المصرف المركزي، أي أن الشركات تموّل نفسها عن طريق حساب خارجي مثبت، مبيناً أن تلك الإجراءات هي قيود فرضها المركزي.
سلاح ذو حدين
الباحث الاقتصادي الدكتور “علاء الأصفري” اعتبر في حديثه لـ “داما بوست” أن قرار السماح باستيراد مكونات تجميع السيارات هو سلاح ذو حدين، مبيناً أنه في حال كان فعلاً التمويل خارجي فلن يتأثر سعر الصرف بذلك، لكن القرار ليس بوقته الآن في ظل وجود العديد من الأولويات لإدارة الاقتصاد السوري، مبيناً أنه كان من المفترض تأجيله ريثما يهدأ الجنون المتعلق بالمضاربة على الليرة السورية وتغيّر سعر صرفها، بحسب تعبيره.
وذكر “الأصفري” أن الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع محدودة، مرجحاً أن يكون هناك توفير نحو 30 بالمئة من سعر السيارات المستعملة، مشدداً على أن هذا الأمر لا يخلق أي قيمة مضافة للاقتصاد بل يسبب هدراً وزيادة بالنفقات.
وفيما يتعلق بالتصدير، لفت “الأصفري” إلى وجوب أن يكون نحو 45 بالمئة من مكونات السيارات من إنتاج وطني، مستبعداً تحقق هذه النسبة نتيجة العديد من المعاملات التي لا تسمح بها الدول المجاورة.
وبحسب “الأصفري” فإن أكبر المستفيدين من هذا القرار هم فقط الشركات والمعامل التي ستعمل في هذا المجال، من بينها شركة “سيامكو” الإيرانية، وثلاث شركات أخرى استبعد “الأصفري” أن تكون محققة لشرط الصالات الثلاث.
وقال الباحث الاقتصادي.. “هذا المشروع جيد لكنني أعتقد أنه ليس في المكان الصحيح ليس من حيث الزمان وليس من حيث المكان، وأرى أن هذا النوع من المشاريع لن تكون مجدية في دعم الاقتصاد السوري، سوى إذا كان هدفها تصديري بالدرجة الأولى، وهذا الأمر أعتقد أنه صعب في الوقت الحالي”.
تجميع السيارات في سورية
وتقتصر صناعة السيارات في سورية على عملية تجميع لمكونات مستوردة، وفق نظام يسمى “الصالات الثلاث”، أي أن السيارة تأتي مفككة إلى قطع أساسية تُركّب في المصانع المحلية، فيما تتطلّب هذه العملية رأس مال كبير وخبرة فنية عالية وتشريعات ملائمة لضمان جودة المنتج وتنافسيته.
ويوجد في سورية عدة شركات مرخصة لتجميع السيارات، منها شركة “زينة” التجارية (وكيل هيونداي) وشركة “إعمار موتورز” (وكيل كيا) والشركة السورية الإيرانية لتجميع وتصنيع السيارات “سيامكو” (وكيل إيران خودرو) التي من المتوقّع أن تستأنف نشاطها مجدداً.
ومن شأن القرار أن يفرض التداول التجاري للمبيعات عبر المصارف، مما يمتص الكتلة النقدية بالأسواق من الليرات السورية وتحويلها للمصارف، فضلاً عن أنه يساهم في ابتكار منتج هام بالأسواق مما يساهم بتحويل مدخرات القطع الأجنبي وتعزيز الطلب على الليرة.