تكثر الأخبار والجرائم التي تُنسب لتنظيم “أنصار السنة”، التنظيم الجهادي الذي يعلن مسؤوليته عن عمليات قتل وانتهاكات على أساس طائفي في سوريا، معتبراً أن الأقليات الدينية والعرقية التي تقطن في البلاد هدفاً لعناصره وعملياته، فيما يمكن تسميته بالحرب المفتوحة بهدف “التطهير العرقي”، لكن التنظيم فعليا غير موجود إلا عبر مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي.
إقرأ أيضاً: رويترز: حقائق جديدة عن مجزرة الساحل
المعلومات المتقاطعة التي جمعتها شبكة “داما بوست”، من أكثر من منطقة تؤكد أن مرتكبي الانتهاكات وخاصة في مناطق الساحل السوري ينتمون بشكل مباشر لقوى “الأمن الداخلي”، التي كانت تعرف باسم “الامن العام”، قبل إعلان وزارة الداخلية في النظام السوري الجديد هيكليتها الجديدة، إضافة لعناصر تتبع “وزارة الدفاع”، السورية شكلاً، بينما هي بالأصل عناصر فصائل جهادية متطرفة ما تزال تصر على العمل وفقاً للمفهوم الجهادي الذي تؤمن به وتعتبره عقيدة قتالية بالنسبة لها، والتي تقوم على اعتبار أي مكون سوري خاصة العلوية والشيعة هدفا للقتل، على أساس الكفر.
مصدر قريب من وزارة الداخلية السورية فضل عدم الكشف عن هويته، يؤكد خلال حديث لـ “داما بوست”، أن تنظيم “أنصار السنة”، مجرد واجهة إعلامية وظفت من قبل شخصيات نافذة في الوزارة لتحميلها المسؤولية عن الجرائم التي يثبت للوزارة أن منفذيها من عناصر الأمن الداخلي أو وزارة الدفاع، على إن المتحدث باسم وزارة الداخلية “نور الدين البابا”، المعروف هو من يشرف على إدارة غرفة عمليات إلكترونية من مهامها إدارة عدد ضخم من الحسابات الوهمية لتوجيه الرأي العام، وصفحات إخبارية مرتبطة بالحكومة إضافة لتوجيه العاملين في الشأن الإعلامي حسبما تقتضي مصلحة النظام الجديد، وهذا يدلل على إمكانية أن تكون حسابات تنظيم “أنصار السنة”، تدار من قبل ذات الغرفة لكونها ترفع عن دمشق مسؤولية الكثير من الانتهاكات.
إقرأ أيضاً: رويترز: فيديوهات مرعبة توثق إعدامات جماعية في السويداء على يد مسلحين بزي عسكري
بمتابعة العديد من الحسابات الجهادية يظهر “أنصار السنة” مواقف تكفيرية متشددة أقرب لـ خطاب تنظيم داعش، وكان لافتا أن “أنصار السنة”، غاب عن المشهد السوري إعلاميا مع التفجير الذي استهدف كنيسة في حي “دويلعة”، بدمشق في الثالث والعشرين من شهر حزيران /يونيو الماضي، وتشير التقديرات إلى أن مشغلي صفحات التنظيم وجدوا عدم الجدوى من استخدامه، فأصابع الاتهام ظلت تشير إلى عناصر النظام السوري الجديد بما يجعل الحكومة دائما في موقف المدافع عن نفسه.
ويعتبر مراقبون أن دمشق أدركت ولو متأخرة ألا جدوى من اختراع جهات تتبنى اي عملية او جريمة طالما لم تتمكن من فبركة قيادات للتنظيم ولم تذهب نحو إصدار بيانات مسجلة أو حتى توثيق لأي جريمة من قبل التنظيم المفترض كما جرت العادة بالنسبة للتنظيمات الجهادية التي تعتبر تصوير ونشر عملياتها جزءاً أساسياً من عملية الترويج لوجودها، ناهيك عن عدم وجود أي تسجيل فيديو او رسالة صوتية من قيادات التنظيم لتعلن عن نفسها او توجه تهديداً مباشراً.
تخلي دمشق عن استخدام “أنصار السنة”، يشبه تماما تخليها عن مصطلح “حالة فردية”، الذي كان يستخدم لتوصيف اي جريمة قتل او انتهاك بزعم ألا علاقة للحكومة بها، وبالتالي قد تحتاج الحكومة لاحقا تنظيماً مفترضاً تحاربه في خيالاتها لتقدم نفسها للعالم بصورة محارب الإرهاب، ولا يمكنها استخدام “داعش”، لأن كل دول العالم تعرف مدى قدرات التنظيم الاكثر شهرة بتطرفه حاليا، وتعرف مكان تواجد عناصره، مضافا إلى ذلك وجود بقايا التنظيم ضمن هيكلية وزارة الدفاع نفسها، والتسجيلات والادلة التي رشحت من السويداء مؤخرا تشي بذلك.
إقرأ أيضاً: الشرع بين الوحدة والتقسيم .. تناقض الخطاب والأداء السياسي
إقرأ أيضاً: ما مدى ارتباط سرايا أنصار السنة بتفجير كنيسة مار إلياس في دمشق؟