تصاعد السرقات في سوريا.. فراغ أمني يفاقم الجرائم

تعيش مناطق واسعة في سوريا على وقع موجة متصاعدة من السرقات والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة، في ظل وضع اقتصادي مأزوم، وتراجع لافت في أداء الأجهزة الأمنية، خصوصاً بعد انهيار البنية المؤسسية التي كانت قائمة قبل سقوط النظام السابق.

وتتوزع حوادث السرقة بين مدن كبرى كدمشق، اللاذقية، حماة، وحلب، وتشمل أنماطاً متنوعة من الجرائم: سرقة السيارات ونهب محتوياتها، نشل الهواتف، سرقة الدراجات النارية، اقتحام المحال التجارية، وصولاً إلى سرقة كابلات الكهرباء والاتصالات وحتى تجهيزات الحدائق العامة.

في حي الميدان بدمشق، يصف رضوان خضرة، صاحب متجر هواتف، كيف تعرّض محله للسرقة ليلاً، مؤكداً أن متاجر أخرى مجاورة شهدت عمليات مماثلة، مشيراً إلى غياب الدوريات الأمنية ووجود السلاح بيد مجموعات خارجة عن القانون.

أما في اللاذقية، فقد سرق مجهولون سيارة مجد غاوي مرتين خلال شهر، دون أن يتلقّى من الشرطة أكثر من “تسجيل شكوى”، بحسب تعبيره، في وقت يؤكد فيه السكان انتشار عصابات تستخدم أدوات متطورة لكسر زجاج السيارات دون ضجيج.

في حماة، لم ينجُ حتى الزوار، حيث تعرّض مغترب سوري قادم من ألمانيا، يدعى زياد العبد الله، لسرقة حقيبته التي تحوي جواز سفره وأوراقه الثبوتية، ما اضطره إلى رحلة مرهقة لاستصدار بدائل.

وفي حلب، أعلنت البلدية تسجيل أكثر من 200 حالة سرقة لكابلات الكهرباء خلال شهرين فقط، ما أدى إلى عزل عشرات الأحياء، ودفعها لمطالبة السكان بالمساعدة في رصد المعتدين.

بحسب عبد القادر يوسف، مشرف الاتصالات في الساحل السوري، تم تسجيل نحو 80 ضبطاً لسرقة كابلات هاتفية منذ بداية العام الحالي، قُدّرت خسائرها بمليارات الليرات السورية، وهي سرقات يقول إنها “تؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات”.

من جهته، كشف مدير عام شركة كهرباء درعا، هاني مسالمة، أن قيمة المسروقات من كابلات الكهرباء في المحافظة بلغت نحو 3 مليارات ليرة سورية خلال 4 أشهر فقط.

وحول أسباب تصاعد هذا النمط من الجرائم، يُرجع الضابط المتقاعد أيمن غنيري الظاهرة إلى جملة عوامل، أبرزها تفريغ السجون خلال مرحلة سقوط النظام، وضعف كفاءة الشرطة الحالية، إلى جانب الفقر، والبطالة، وتراجع التعليم، وغياب الردع القانوني.

وأشار غنيري إلى أن المناطق العشوائية والمهمشة تُعدّ أرضاً خصبة للسرقات، مع ضعف الإنارة ليلاً وغياب الكاميرات وافتقاد الشعور بالأمان.

في المقابل، يطالب ناشطون مدنيون وحقوقيون وزارة الداخلية بوضع خطة طارئة تشمل:

  • إعادة تفعيل الدوريات الليلية

  • إصلاح شبكات الإنارة في الأحياء

  • تشغيل كاميرات المراقبة

  • فرض عقوبات صارمة على المعتدين

  • وتفعيل خطوط ساخنة للاستجابة الفورية للبلاغات

في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وغياب الأمان، يخشى كثير من السوريين أن تتحوّل الجريمة إلى جزء من حياتهم اليومية، ما لم يُعاد الاعتبار لوظيفة الدولة كضامن للأمن العام، وقادر على حماية الأرواح والممتلكات.

اقراً أيضاً: وزارة الصناعة تحدد أسعار الأراضي في المدن الصناعية السورية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.