“أزمة قمح تلوح في الأفق: سوريا تنتج 19% فقط من حاجتها السنوية”
يواجه قطاع القمح في سوريا أزمة غير مسبوقة هذا العام، مع تراجع الإنتاج إلى 772 ألف طن فقط، وهو ما يغطي 19% من الحاجة السنوية للبلاد، بحسب بيانات رسمية، ما يضع الأمن الغذائي الوطني على المحك ويزيد من اعتماد البلاد على الاستيراد في ظل أزمات مالية متفاقمة.
وكان من المخطط زراعة أكثر من 104 ملايين هكتار، لكن نسبة التنفيذ لم تتجاوز 76%، في حين لعبت عوامل مناخية دوراً حاسماً في تراجع الإنتاج، وعلى رأسها الجفاف الحاد، وتراجع معدلات الهطل المطري، وارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى تقليص المحصول بنسبة وصلت إلى 75% في بعض المناطق، بحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
ولم تكن التحديات المناخية وحدها السبب، إذ زادت أسعار الأسمدة والمحروقات بنسب تراوحت بين 100 و400%، في ظل تراجع الدعم الحكومي، ما جعل الزراعة أكثر كلفة وأقل جدوى، وأضعف قدرة المزارعين على الاستمرار.
وبحسب مراقبين، فإن استمرار هذا المسار قد يدفع البلاد نحو أزمة خبز حقيقية، خاصة في حال تعثر عمليات الاستيراد، وهو ما يعيد إلى الأذهان أزمة العام الماضي، عندما ارتفع سعر ربطة الخبز من 400 إلى 4000 ليرة، لتضيف عبئاً جديداً على العائلات السورية، في بلد يعيش فيه نحو 90% من السكان تحت خط الفقر.
الخبراء الزراعيون يرون أن الخروج من هذا النفق يتطلب خطة وطنية متكاملة، تبدأ بتوفير بذار عالية الجودة، وتحسين شبكات الري، وتقديم دعم مباشر للمنتجين، إلى جانب ضمان سعر مجزٍ يشجع على التوسع في زراعة القمح، وتخفيض تكاليف الإنتاج.
في ظل هذه المؤشرات، يبدو أن العودة إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من القمح لم تعد مسألة طموح فقط، بل ضرورة استراتيجية لبقاء ملايين السوريين على قيد الحياة، وتأمين استقرار البلاد الغذائي في وجه تحديات لا تنفك تتعاظم.
اقراً أيضاً: سوريا تعزز مخزونها الاستراتيجي من القمح وتتخذ إجراءات للحد من الهدر