داما بوست-منهل إبراهيم| مجريات الحرب البربرية التي يديرها بنيامين نتنياهو ضد الإنسانية في غزة دخلت في اللحظات الحرجة وتجاوزت كل عقل ومنطق وأصبحت على لائحة أفظع الحروب التي عرفتها البشرية، حتى الولايات المتحدة التي تدعم ربيبتها “إسرائيل” باتت في موقف حرج وأدخلت الكيان في هواجس وقف الدعم لا سيما بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت ضد قرار مجلس الأمن الأخير لصالح وقف إطلاق النار في القطاع، ولم تستعمل الفيتو ضده، والذي فتح باب التساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن قد تراجعت عن موقفها الداعم للكيان في الحرب.
الصحافة الصهيونية فتحت باب التساؤلات قبل غيرها من وسائل الإعلام في أمريكا والغرب، ومنها صحيفة هآرتس الإسرائيلية، التي تساءلت هل “على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن”.
إن غليان “إسرائيل” الشديد على امتناع الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الأمن بخصوص وقف إطلاق النار في غزة، هو خطوة ملفتة إلى تنافر ما وقع بين الحليفين، فـ”إسرائيل” تكثف من سلوكها الخشن ضد البيت الأبيض في لحظة حرجة من الحرب على القطاع الجريح.
وفي الواقع أظهرت إدارة الرئيس جو بايدن دعماً غير مسبوق للكيان في ضخ الأسلحة دون توقف والدعم السياسي المستمر حتى في مواجهة المعارضة المتزايدة من داخل الحزب الديمقراطي، وفي الجامعات، وداخل البلاد، ومن ناحية أخرى، أصبحت ردود “إسرائيل” على المناشدات الأمريكية لتخفيف هجومها العسكري وضمان توفير المساعدات الإنسانية أكثر حدة.
مناشدات الولايات المتحدة لا شك شكلية، وهدفها الخروج من دائرة النقد العالمي والتضامن الكبير مع غزة، ويبدو أن قرار مجلس الأمن أرضى بما يكفي الولايات المتحدة وقارب القرار الذي صاغته الأسبوع الماضي والذي استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضده، والقرار يدعو إلى وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان، وبالتالي فهو لمدة محدودة ويطالب بالإفراج غير المشروط عن جميع الأسرى.. لذا فمن الجدير تفسير سبب رد الفعل الإسرائيلي المبالغ فيه”.
الإدارة الأمريكية أوضحت بشكل يتماهى مع فكر نتنياهو أنها لا تعارض من حيث المبدأ خطة التحرك ضد المقاومة في رفح، فلماذا لا يريد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي التحدث مع الأميركيين في هذه اللحظة الحرجة، وهذا سؤال بات يتردد في أروقة وشوارع كيان الاحتلال السياسية بشكل كبير.
الإدارة الأمريكية تزعم أنها تدرس ما إذا كانت “إسرائيل” ملتزمة بمذكرة الأمن القومي رقم 20 التي تتطلب من بين أمور أخرى من متلقي الأسلحة الأمريكية تقديم ضمانات بأن الأسلحة الأمريكية ستُستخدم وفقاً للقانون الدولي، وهذا سلاح أمريكي سياسي للتنصل من أفعال الكيان في أي لحظة تتعالى فيها الأصوات الدولية.
ونظراً لتحذير نائبة الرئيس، كامالا هاريس، من أن الهجوم على رفح سيكون له “عواقب”، فلا ينبغي لـ “إسرائيل” أن تختبر الولايات المتحدة في هذا الوقت بشأن هذه القضية، لأن الوضع بالنسبة لأمريكا بات محرجاً أمام المنظمات الدولية وكثير من الدول الأوروبية التي ترفض المزيد من القتل في غزة، وأيرلندا شاهد على نقمة بعض الدول الأوروبية على أفعال “إسرائيل”.
“إسرائيل” خسرت الحرب في غزة وإن ادعت بعض النجاح حتى الآن في الحرب ضد المقاومة، ولكن التكاليف كانت باهظة للغاية بالنسبة للخسائر في صفوف جيشها، وكان نصرها الوحيد هو قتل الإنسانية في غزة بشكل غير مسبوق.
وزير الخارجية الأمريكي في عهد جون كينيدي وليندون جونسون قال ذات مرة، إن أهم أداة في الدبلوماسية هي القدرة والرغبة في الاستماع، وهذه نصيحة جيدة للحكومة الإسرائيلية الحالية، وعلى نتنياهو الأخذ بها وعدم المضي في لعبة الموت إلى مستنقع رفح، وفتح مياه حمام دم سيغرق كيانه بالهزيمة والعار.