انتقادات لبيان “مدنية” حول الجزيرة السورية: جدل حول الحياد ودور المجتمع المدني

أثار بيان منظمة “مدنية” الأخير بشأن التطورات في منطقة الجزيرة السورية موجة انتقادات واسعة بين نشطاء وفاعلين مدنيين سوريين، الذين اعتبروا أن صياغته ابتعدت عن مبدأ الحياد، واقتربت من الطرح السياسي أكثر من كونها مقاربة مدنية يفترض أن تتزن في قراءتها للمشهد.

مضمون بيان “مدنية”

كانت المنظمة قد نشرت بياناً قالت فيه إن قوى متعددة داخل سوريا ارتكبت انتهاكات أسهمت في تعميق الانقسامات الجغرافية والسياسية والمجتمعية، معتبرة أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) هي أبرز تلك القوى، وفق ما ورد في البيان.

وتابع البيان التأكيد على مراقبة المنظمة لمسار التفاوض بين الحكومة السورية الانتقالية وقسد، معبّراً عن “قلق” إزاء ما وصفه بتصاعد الانتهاكات في محافظات الرقة والحسكة ودير الزور، ومتهماً قسد بالمسؤولية عن ملفات تتعلق بالنفط والبنية التحتية والتجنيد الإجباري والاعتقالات وإغلاق الطرق وعرقلة عودة النازحين.

كما دعا البيان قسد إلى التعامل مع القضية السورية “كقضية داخلية” وعدم تحويلها إلى جزء من “صراع عابر للحدود”.

اعتراضات على غياب التوازن

الناشطة السورية ناز حمي اعتبرت أن البيان ركّز بشكل لافت على اتفاق العاشر من آذار دون وجود مستجدات جوهرية حوله، ما يدفع للتساؤل—بحسب قولها—عن سبب توقيت صدور البيان الآن.

وأضافت أن الحياد وعدم الانحياز يمثلان قواعد أساسية في عمل المجتمع المدني، إلا أن البيان جاء بصيغة أقرب إلى “شروط سياسية” وليس لخطاب مهني متوازن. وأشارت إلى أن البيان تحدث بإسهاب عن الانتهاكات في مناطق سيطرة قسد، لكنه تجاهل تماماً الانتهاكات اليومية في مناطق سيطرة الحكومة السورية، الأمر الذي يخلّ بالموضوعية.

كما لفتت حمي إلى أن البيان تناول نتائج زيارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى واشنطن، لكنه لم يشر نهائياً إلى الدور الأميركي أو موقفه من اتفاق العاشر من آذار، وكأن المشهد الدولي غائب عن السياق، وفق تعبيرها. وانتقدت أيضاً اتهام البيان لقسد بأنها “تصدّر الصراع خارج الحدود”، معتبرة أن هذا الوصف لا يعكس تعقيدات المشهد الحالي.

انتقادات من باحثين وإعلاميين

بدوره، وجّه الإعلامي والباحث السوري خورشيد دلي انتقاداً حاداً للبيان، قائلاً إن المنظمات المدنية من المفترض أن تعكس معايير الحياد والموضوعية، “فإذا كان خطاب المجتمع المدني يأتي بهذا الانحياز، فماذا يبقى للفصائل المسلحة والأحزاب الأيديولوجية؟”.

وأضاف أن التقرير افتقد التوازن، وركز على طرف واحد مقابل تغييب أطراف أخرى، معتبراً أن ذلك يعكس رغبة في تحقيق أهداف سياسية أو التمهيد لمناصب حكومية، وفق رأيه.

استمرار الجدل حول دور المجتمع المدني

وتعكس هذه الانتقادات حالة جدل أوسع حول دور منظمات المجتمع المدني في سوريا، في ظل استمرار الاستقطاب السياسي والجغرافي، وتزايد حساسيات المرحلة الراهنة في الجزيرة السورية، حيث تتداخل ملفات الأمن والنفط والإدارة المحلية والتدخلات الخارجية، ما يجعل أي خطاب غير متوازن موضوعاً للنقاش والاعتراض.

وتشير ردود الفعل إلى أن الجدل حول بيان “مدنية” لن يكون الأخير، في ظل البيئة المشحونة التي تعمل فيها المنظمات المدنية، وحاجة مختلف الأطراف إلى مقاربات أكثر شمولاً وحياداً في تناول الملفات الحساسة في المنطقة.

اقرأ أيضاً:اتهامات متبادلة بين دمشق و”قسد” بشأن خروقات المناطق المحايدة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.