مؤتمر الأقليات في “تل أبيب” يثير الجدل: مشروع “إنساني” أم خطوة لتفكيك المنطقة؟

عُقد في “تل أبيب” يوم أمس مؤتمرًا حمل عنوان “مؤتمر الأقليات في الشرق الأوسط”، بمشاركة ممثلين عن عدد من المكوّنات الدينية والقومية في المنطقة، بينهم أكراد وعلويون ودروز وإيزيديون وآشوريون، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا حول أهدافها الحقيقية وتوقيتها السياسي الحساس.

مشاركة شخصيات من الشتات ودعوات إلى “تحالف الأقليات”:

شارك في المؤتمر عدد من الشخصيات السياسية والدينية من الشتات، من بينهم عارف باوجاني، رئيس حزب حرية كردستان، الذي دعا إلى “تحالف من أجل السلام والاستقرار”، معتبرًا أن الأقليات تسعى إلى مستقبل بعيد عن “التدخلات الإقليمية”.

كما تحدث عبر الفيديو الشيخ مروان كيوان، أحد الزعماء الدروز في السويداء السورية، زاعماً أن “إسرائيل” تعمل على “الحفاظ على وحدة المجتمعات”. ونظّم المؤتمر الباحث في شؤون الشرق الأوسط “إيدي كوهين”، بمشاركة ناشطين من أوروبا والولايات المتحدة، بينهم لاجئون سابقون من دول عربية، ناقشوا أوضاع الأقليات وسبل “التعاون الثقافي والسياسي” مع “إسرائيل”.

من جانبه، قال المهندس سامر إبراهيم، وهو ناشط علوي أميركي، إن الأقليات “رواد سلام وتبحث عن حياة آمنة”، داعيًا إلى إنشاء لوبي خاص بالأقليات تحت إشراف “الكنيست الإسرائيلي” ومكتب في واشنطن لمتابعة “الجرائم اليومية ضد الأقليات” في سوريا.

مراقبون: المؤتمر يخدم مشروع “الشرق الأوسط الجديد”:

يرى مراقبون أن مؤتمر الأقليات في “تل أبيب” يأتي في إطار سعي “إسرائيل” لاستثمار الأزمات الداخلية في دول المنطقة، وعلى رأسها سوريا، من أجل تعزيز مشروع الشرق الأوسط الجديد، القائم على تفتيت الهويات الوطنية وتحويل المكوّنات الدينية والقومية إلى كيانات سياسية مستقلة.

ويؤكد محللون أن هذا النوع من المؤتمرات، الذي يُقدّم تحت عناوين “إنسانية وحقوقية”، يخفي في جوهره أهدافًا سياسية خطيرة تهدد النسيج الوطني السوري ووحدة الدولة. فـ “إسرائيل”، بحسب هؤلاء، تدرك أن الطريق إلى إضعاف سوريا لا يمر عبر الحدود، بل عبر الانقسام الداخلي وتغذية الهويات الطائفية والعرقية الضيقة.

دعوات سورية إلى خطاب وطني جامع:

وسط هذا الجدل، دعا مثقفون وناشطون سوريون إلى إعادة إحياء الخطاب الوطني الجامع الذي يقوم على فكرة الدولة والمواطنة المتساوية، مؤكدين أن التنوع الديني والقومي في سوريا ليس تهديدًا بل مصدر غنى وقوة.

وأشاروا إلى أن الخطر الحقيقي يكمن في انهيار فكرة الدولة إذا استمر اللعب بورقة الانقسامات والهويات، مطالبين النخب السياسية والإعلامية والمجتمع المدني بتحمل مسؤولياتها في تعزيز الوعي الوطني وتحصين المجتمع ضد مشاريع التفكيك.

نحو سوريا واحدة لجميع أبنائها:

واختُتمت الدعوات بالتأكيد على أن سوريا الجديدة التي تنهض من أزماتها يجب أن تكون دولة لكل أبنائها، قائمة على العدالة والمواطنة والهوية المشتركة، بعيدًا عن الاصطفافات الطائفية والمشاريع الخارجية التي تستهدف تمزيقها.

إقرأ أيضاً: القنيطرة تفقد رئتها الخضراء تحت جرافات الاحتلال.. هل يتحول مصيرها إلى جولان 2؟

إقرأ أيضاً: تحولات إسرائيلية في الجنوب السوري: من السيطرة الميدانية إلى هندسة الجغرافيا والديموغرافيا

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.