نقص الكتب المدرسية يفاقم معاناة الطلاب في سوريا

بعد مرور أكثر من شهر على انطلاق العام الدراسي 2025–2026، لا يزال طلاب في عدد من المحافظات السورية يواجهون أزمة حادة في تأمين الكتب والمقررات المدرسية، وسط شكاوى متزايدة من الأهالي وارتفاع تكاليف الطباعة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة.

وتضاف هذه الأزمة إلى سلسلة من التحديات التي تعصف بقطاع التعليم في البلاد، من اكتظاظ الصفوف وضعف البنية التحتية إلى نقص الكوادر التعليمية والمستلزمات الأساسية، ما ينعكس سلباً على العملية التعليمية في مختلف المراحل الدراسية.

الأهالي يطبعون الكتب على نفقتهم

في ظل تأخر توزيع الكتب، لجأ كثير من الأهالي إلى طباعة النسخ الورقية على حسابهم الخاص، خصوصاً أن النسخ الإلكترونية التي توفرها وزارة التربية لا تناسب تلاميذ المراحل الابتدائية، الذين يعتمدون على كتب تفاعلية تحتاج إلى الكتابة المباشرة.

ميرا فارس، المقيمة في ريف حمص والعائدة مؤخراً من الخارج مع ابنها، تحدثت لـ“العربي الجديد” عن معاناتها في تأمين كتب الصف الثالث، قائلة: “اضطررت إلى طباعة سبعة كتب لطفلي على نفقتي الخاصة، لأن المدارس لم توفرها بعد. النسخ الإلكترونية غير عملية للأطفال، فالمواد تتطلب الكتابة المباشرة في الكتاب، ولا يمكنهم التعامل مع الأجهزة بشكل دائم”.

وفي محافظة حمص، أكد عدد من الأهالي أن المشكلة واسعة وتشمل معظم المدارس. أحمد الجوهر، المقيم في المدينة، أوضح أن المدارس تطلب من الطلاب طباعة الكتب المفقودة أو شرائها من المكتبات الخاصة، قائلاً: “اضطررت لطباعة كتب التاريخ والجغرافيا والتربية الإسلامية لابنتي في الصف التاسع، وكتب أخرى لابنتي الثانية في المرحلة الثانوية، فالمشكلة عامة في كل مدارس المحافظة تقريباً”.

نقص مشابه في اللاذقية ومحافظات أخرى

وفي محافظة اللاذقية، لا يختلف الوضع كثيراً، إذ أفاد الأهالي في مناطق جبلة والقرداحة واللاذقية المدينة بنقص حاد في الكتب المدرسية، ما دفع العديد منهم إلى الاعتماد على الطباعة الخاصة.
خليل النجم، أحد سكان جبلة، قال إن “جميع المدارس تقريباً تعاني من نقص الكتب، خصوصاً للصفوف الرابع والخامس، ولم يكن أمامنا سوى طباعة الكتب لضمان استمرار الدراسة، لأن الانتظار قد يعني ضياع أسابيع من الدروس”.

عودة الطلاب وخلل في التوزيع

ويعزو مدرسون ومسؤولون تربويون أسباب الأزمة إلى التغييرات التي شهدتها خريطة توزع الطلاب في البلاد خلال العام الحالي، مع عودة أعداد كبيرة من الطلاب السوريين من الخارج، خاصة من لبنان وتركيا والأردن.

المدرس حسين الطعمة، من ريف حمص الشمالي، أوضح أن “تزايد أعداد الطلاب في بعض المناطق وعودة عائلات من الخارج، إضافة إلى استمرار عمليات الطباعة والتوزيع حتى الآن، كلها عوامل تسببت في نقص الكتب”.

تصريحات رسمية

من جانبه، أوضح مدير المؤسسة العامة للمطبوعات، فهمي الأكحل، في تسجيل مصوّر بثّته وزارة التربية والتعليم على صفحتها الرسمية في “فيسبوك”، أن المؤسسة تعمل على توزيع الكتب الجديدة على المناطق التي لم تكن تتوافر فيها نسخ مدوّرة، إضافة إلى طباعة كتب جديدة للمواد التي شهدت تعديلات كاملة، مثل التربية الإسلامية والدراسات الاجتماعية والتاريخ والجغرافيا.

وأشار الأكحل إلى أن الخطة الحالية تتضمن طباعة 24 مليون كتاب جديد، إلى جانب 7 ملايين كتاب متوفرة في المخازن، مع الاعتماد على إعادة توزيع أكثر من 40 مليون كتاب مسترد من المدارس في حالة جيدة.

أزمة متكررة

رغم الوعود الحكومية، يرى كثير من الأهالي أن نقص الكتب المدرسية أصبح ظاهرة تتكرر مع بداية كل عام دراسي، في ظل ضعف التخطيط المسبق والتأخر في عمليات الطباعة والتوزيع.

ويؤكد التربويون أن استمرار هذه المشكلة يضعف العملية التعليمية ويزيد الأعباء على الأسر، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وصعوبة طباعة الكتب أو شرائها من الأسواق، ما يهدد بتراجع جودة التعليم في البلاد.

اقرأ أيضاً:طلاب من الجزيرة السورية يحتجون في دمشق مطالبين بـ“التوطين الجامعي”

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.