بكتيريا الأمعاء: المتهم الخفي في أمراض الكبد والسرطان
تُعد أمراض الكبد سببًا رئيسيًا للوفاة على مستوى العالم، إذ تساهم في حوالي 4% من الوفيات. بينما نعرف جميعًا العوامل التقليدية التي تضر الكبد مثل الكحول، الدهون، والسكريات، كشفت دراسة حديثة عن شريك خفي وأكثر خطورة يكمن في الأمعاء: بكتيريا تنتج مركب D-لاكتات.
الرابط الخطير بين الأمعاء وتلف الكبد
أوضحت نتائج نشرت في مجلة “Cell Metabolism” وجود علاقة مباشرة ومقلقة بين بعض أنواع البكتيريا الضارة في الأمعاء وتدهور صحة الكبد. تكمن الخطورة في مركب D-لاكتات الذي تنتجه هذه البكتيريا، إذ يعمل كإشارة تحفز الكبد على إنتاج وإفراز كميات كبيرة من السكر والدهون.
هذه الزيادة المفاجئة تؤدي إلى سلسلة من المضاعفات الكبدية، تشمل:
تراكم الدهون داخل خلايا الكبد (مرض الكبد الدهني).
التهابات متكررة تضعف وظائف الكبد الأساسية.
تطور سريع لتليف الكبد.
زيادة حادة في خطر الإصابة بسرطان الكبد.
D-لاكتات مقابل L-لاكتات: الفرق بين السم والطاقة
يثير مركب D-لاكتات تساؤلات حول الفرق بينه وبين مركب L-لاكتات الذي ينتجه الجسم بشكل طبيعي أثناء عملية الأيض (حرق الجلوكوز اللاهوائي). بالرغم من التشابه الاسمي، يختلف التأثير جذريًا:
وجه المقارنة D-لاكتات (المركب الضار) L-لاكتات (المركب الطبيعي)
المصدر بكتيريا الأمعاء الضارة. تحليل سكر الجلوكوز في الجسم.
التأثير على الكبد يزيد بشكل حاد من إنتاج الدهون والسكر. لا يشكل خطرًا، ويُستخدم كمصدر طاقة لخلايا القلب والدماغ.
الخطورة سام، وتراكمه يزيد من خطر أمراض الكبد والأعصاب. غير خطير؛ الجسم قادر على تحليله واستخدامه للطاقة.
“المصيدة المعوية”: علاج مبتكر يستهدف الجذور
غيرت هذه الأبحاث النظرة لعلاج أمراض الكبد. فبدلاً من التركيز على الكبد أو الهرمونات، أصبح الهدف هو اعتراض جزيئات D-لاكتات قبل أن تغادر الأمعاء وتصل إلى الكبد.
من هذا المنطلق، وُلدت فكرة “المصيدة المعوية” (Gut Substrate Trap): مركبات تُؤخذ عن طريق الفم لـ الارتباط بجزيئات D-لاكتات في الأمعاء، مما يمنع امتصاصها ويوقف التلف قبل بدايته.
نتائج مبشرة على الفئران
عند تطبيق المصيدة المعوية على فئران مصابة بالسمنة ومرض الكبد الدهني (حيث يرتفع مستوى D-لاكتات)، كانت النتائج واعدة:
انخفاض ملحوظ في سكر الدم.
تحسن استجابة الجسم للأنسولين.
تراجع مؤشرات الالتهاب وتليف الكبد.
تحسن عام في وظائف الكبد.
الأهم هو تحقيق هذه النتائج دون الحاجة إلى فقدان الوزن أو تغيير النظام الغذائي للفئران. إذا أثبتت الدراسات فعالية هذه التقنية على البشر، قد نكون أمام جيل جديد من أدوية الكبد التي تركز على بيئة الأمعاء لمنع أمراض مثل التشمع والسرطان.
خط الدفاع الأول: كيف نقلل البكتيريا الضارة؟
لحين ظهور النتائج النهائية للتجارب البشرية، يبقى نمط الحياة الصحي هو أفضل وسيلة للتحكم في بكتيريا الأمعاء الضارة:
الألياف أولاً: أكثر من الخضار، الفواكه، البقوليات، والحبوب الكاملة لتغذية البكتيريا النافعة.
الأغذية المخمّرة: تناول الزبادي والكفير (المحتوي على البكتيريا النافعة) لتعزيز التنوع البكتيري الصحي.
تجنب المُفرط: قلّل قدر الإمكان من السكريات، الدهون المشبعة، والأطعمة المصنعة والمعلبة.
تجنب السموم: الحد من تناول الكحول والتدخين.
هل هذه المعلومات الجديدة تجعلك تفكر في إدخال المزيد من الألياف والأطعمة المخمّرة إلى نظامك الغذائي؟