داما بوست _كاترين الطاس | يأمل السوريون أن تستطيع الحكومة الجديدة برئاسة محمّد غازي الجلالي إخراجهم من مستنقع الأزمات الاقتصادية التي غرقوا بها، كالغلاء الفاحش وانهيار قيمة العملة السورية مقابل الدولار وضعف قيمة الرواتب، وخاصة أن رئيس الحكومة المكلف يتمتع بخبرة واسعة في مجالات الهندسة، الإدارة، والاقتصاد، وهذا الأمر يعزز الآمال في قدرته على مواجهة التحديات الهائلة التي تنتظره وإحداث التغيير اللازم.
وللحديث عن التحديات الاقتصادية والمشاكل التي خلفتها الحكومة السابقة وستواجهها الحكومة الجديدة، كان لشبكة “داما بوست” لقاء مع وزيرة الاقتصاد السابقة د. لمياء عاصي، والتي أكدت أنه “منذ سنوات طويلة تراكمت المشاكل الاقتصادية وتعقدت لتشكل وضعاً اقتصادياً ومعيشياً خانقاً تجلى في تعمق الفجوة بين الدخل والإنفاق على المستلزمات الضرورية وتدني القدرة الشرائية للمواطن مما جعل كثير من الأسر تعيش تحت خط الفقر المدقع، وهذا الوضع خلق خللاً كبيراً في الدورة الاقتصادية في البلاد وخاصةً في الإنتاج والاستهلاك، وتسبب في ارتفاع معدلات التضخم الى مستويات كبيرة جداً.”
وتابعت عاصي حديثها: “نجم هذا الوضع الصعب عن تحديات وعراقيل خلقتها عوامل متضافرة خارجية وداخلية، فقد تتالت الأحداث في منطقتنا وأثرت سلباً على الوضع الاقتصادي السوري، منها حدوث الأزمة المصرفية في لبنان وانعكاسه الكارثي على كثير من السوريين المودعين في لبنان، وقانون قيصر، وهو الأسوأ بين العقوبات الغربية على سوريا، إضافة للتأثيرات الاقتصادية السلبية لوباء كورونا وأهمها ارتفاع معدلات التضخم على الاقتصاد العالمي وليس السوري فقط،” مشيرة إلى أن هذا السرد المختصر يلخص أهم الأسباب التي فاقمت الأزمة الاقتصادية في سوريا والتي نتجت أساساً عن الحرب والإرهاب، وهذه العوامل وما نجم عنها من خلل في سلاسل الإمداد للسلع ومدخلات الإنتاج ومستلزمات الزراعة.
وأضافت عاصي: “صحيح أن العوامل الخارجية شكلت أسباباً جوهرية لتردي الوضع المعيشي لغالبية الناس وإنما العوامل الداخلية لعبت أيضاً دوراً هاماً في الوضع الاقتصادي الحالي وزادت من حدة الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، ويمكن القول أن الضعف والتشتت في السياسات التنموية من جهة، وعدم معالجة قضايا اقتصادية جذرية أضاف عبئاً ثقيلاً على الموازنة العامة للدولة والاقتصاد الوطني.”.
ولفتت إلى أن أهم الملفات الملحة التي ستواجهها الحكومة الجديدة، هي تدني القدرة الشرائية لدى المواطن السوري، وارتفاع تكلفة المشتقات النفطية التي تسبب ارتفاع أسعار 350 سلعة وزيادة تكاليف النقل
وعند سؤالها حول الطريقة الصحيحة للتعامل مع هذه التحديات من أجل الوصول لنتائج تجعل معيشة المواطن أفضل على جميع المستويات، أجابت عاصي: “الوصفة الرئيسية لتحسين المستوى المعيشي تكمن في المعالجة الجدية والعميقة للقضايا الاقتصادية التي تسبب النزف والهدر لموارد الدولة مثل قضية مؤسسات وشركات القطاع العام، إضافة إلى خلق موارد جديدة للدولة لرفع الإيرادات العامة للدولة، كمعالجة أملاك الدولة من أراضي وعقارات وغيره، والبحث عن استثمار واكتشاف موارد باطنية جديدة وبالتالي تتمكن الدولة من زيادة الإنفاق العام للدولة وهو الطريق الوحيد والاجباري لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين والإنفاق على الصحة والتعليم وتحسين كفاءة البنية التحتية وهي عوامل أساسية لإحداث تنمية في القطاعات المختلفة.”
وأكملت: “هناك سياسات لا غنى عنها لتحسين الوضع الاقتصادي العام، أولها إصلاح النظام المالي والعمل على تخفيض العجز المالي والسيطرة على معدل التضخم الذي يعتبر المسؤول الرئيسي عن تردي أحوال الناس المعيشية وانخفاض قيمة الليرة السورية، هذه السياسات يجب أن تترافق بتعزيز الإنتاج المحلي أولاً، ومن المعروف أن الإنتاج المحلي بكل أنواعه هو العامل القادر على رفع الناتج المحلي الإجمالي وخفض معدلات التضخم، وخفض العجز المالي والتجاري.”
ووفقاً للوزيرة السابقة، فإنه يمكن أن تساهم بعض السياسات لتقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء إلى تحسين طفيف في حالة الاقتصاد العام، مثل رفع معدلات الضرائب على الشرائح العليا من الدخل وزيادة الرسوم على بعض المعاملات الحكومية والبضائع الكمالية وتخفيف نسب الهدر.
وختمت عاصي حديثها بالقول: “نقطة أخيرة فاعلة في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة وهي مشاركة المجتمعات المحلية في إدارة المناطق والبلدات والقرى المختلفة من خلال تفعيل القانون 107 الخاص بالإدارة المحلية وتعزيز سلطات المجالس المحلية الاقتصادية والإدارية للاستغلال الأمثل للموارد والإمكانيات المحلية.”
اقرأ أيضاً: سوريا تستقبل أبنائها بتصريف الـ100 دولار.. “اللي ما معه ما يفوت”!!