مأساة في قلب العاصمة: عائلات سورية تنام في حدائق دمشق

في مشهد مؤلم يكشف عن عمق الأزمة الإنسانية في سوريا، أصبحت حدائق دمشق ملاذا لعشرات العائلات التي عادت إلى وطنها بعد سنوات من النزوح واللجوء لتجد نفسها بلا مأوى.

فبعد سقوط النظام السوري، اصطدم مئات الآلاف من العائدين بواقع مرير، حيث باتوا يعيشون في خيام نصبت في الحدائق العامة، مثل حديقة المرجة، عاجزين عن إيجاد سكن مناسب.

عودة إلى واقع قاس
كثير من هذه العائلات، التي أمضت سنوات في الخارج على أمل العودة إلى منازلها، فوجئت بأن بيوتها إما مهدمة بالكامل أو غير صالحة للسكن.

يروي عبد القادر، الذي عاد من الأردن إلى مخيم اليرموك، قصته المأساوية بعد أن وجد منزله مدمرا بالكامل.

قال لـ “الحل نت”: “كنا بالأردن، رجعنا بعد التحرير على سوريا وعلى أساس نرجع على بيتنا. لما وصلنا لقينا بيتنا على الأرض وما بنسكن فيه، اضطرينا ننصب خيمة بالحديقة وفتحت بسطة صغيرة استرزق منها.”

الآن، يعيش عبد القادر مع زوجته وأطفاله الأربعة في خيمة بحديقة المرجة، ويعتمد على “بسطة” صغيرة لتأمين لقمة العيش.

ارتفاع الإيجارات: عائق لا يرحم
تعد الإيجارات الخيالية في دمشق العقبة الأكبر أمام استقرار العائلات العائدة. تتراوح أسعار إيجار الشقق بين 3 إلى 6 ملايين ليرة سورية شهريا، وهو مبلغ يفوق بكثير قدرة هذه العائلات التي تعيش على أعمال بسيطة.

حبش خليل، الذي عاد من تركيا إلى حلب، انتهى به المطاف في حديقة المرجة بعد أن فشل في إيجاد منزل مناسب.

وقال للموقع نفسه: “كنا عايشين بتركيا، رجعنا ع سوريا، بيوتنا كلها مهدمة اجينا على الشام ندور بيت للإيجار وما في بيوت، صار النا شهر ونص ننام بالحديقة أنا وعيلتي.”

تفاصيل الحياة اليومية الصعبة
لا تقتصر معاناتهم على غياب السكن، بل تمتد لتشمل أبسط تفاصيل الحياة اليومية. فالحصول على الطعام أو استخدام المرافق الصحية يعد معركة يومية تتطلب جهدا ومالا.

تعتمد الكثير من العائلات على الوجبات الجاهزة مثل “الإندومي” بسبب صعوبة الطبخ. كما أن استخدام المرحاض أو الاستحمام يكلف مبالغ مالية كبيرة، مما يضيف عبئا ماليا إضافيا على كاهلهم.

فاطمة، التي تعيش مع أسرتها المكونة من 16 فردا، تروي كيف أنهم ينامون في الحديقة منذ شهر بعد أن دمر منزلهم في حمص، ويعتمدون على بيع المياه والمناديل لتأمين لقمة العيش.

قالت: “صار لنا شهر هون بالحديقة، اجينا من البياضة، بيوتنا كلها مدمرة… عدد عائلتنا 16 شخص عم نشتغل لنعيش، بنروح على الإشارات نبيع مي ومحارم… غالبا الأكل إندومي جاهز… المرحاض قريب منا دقيقتين بندفع 2000 ليرة، وحمامات الاستحمام بعيد ربع ساعة وبنحتاج ندفع 20 ألف.”

ويواجه أحمد ياسين، وهو فلسطيني سوري، نفس المعاناة، حيث يعيش في حديقة المرجة بعد أن تهدم منزله في حمص. قال: “بيتنا تهدم بحمص، لجأنا ع الشام على حديقة المرجة… لو في بيوت للإيجار ما كنا قاعدين هون، بس الإيجار صار 5 أو 6 مليون ليرة بالشهر، وما في قدرة ندفع.”

غياب كامل للحكومة
على الرغم من أن هذه المأساة تقع في قلب العاصمة، فإن الأهالي يؤكدون أنهم لم يتلقوا أي مساعدة من الجهات الرسمية أو المنظمات الإنسانية.

ووفقا لإحصائية قام بها “الحل نت”، فإن 15 عائلة، يصل عدد أفراد بعضها إلى 15 شخصا، تعيش حاليا في حديقة المرجة، مما يرفع العدد الإجمالي للأشخاص إلى نحو 100 شخص.

إن مشهد هذه العائلات التي تنام في الحدائق العامة يختصر أزمة أعمق تتعلق بالحق في السكن والعيش الكريم، ويبقى السؤال مفتوحا: إلى متى ستبقى هذه العائلات بلا مأوى في ظل هذا الصمت؟

 

اقرأ أيضاً:بين دمشق وتل أبيب .. هل يتقاطع الاتفاق الأمني مع الطموحات التركية؟

اقرأ أيضاً:القامشلي: أزمة سكن خانقة نصف البيوت فارغة، والأسعار بالملايين!

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر

 

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.