لماذا نشعر بالذنب عند الاستمتاع بعيداً عن أطفالنا؟

الاستمتاع بعيداً عن أطفالنا هل سبق لكِ أن جلستِ في مقهى هادئ أو مشيتِ على الشاطئ بمفردكِ، وفجأة تسلّل إليكِ شعور غريب بالذنب؟ “كيف يمكنني أن أستمتع وأطفالي ليسوا معي؟” هذا السؤال يتردد في أذهان الكثير من الأمهات، وهو ليس مجرد شعور عابر، بل هو انعكاس لتداخل معقد بين الحب، والمسؤولية، وصورة “الأم المثالية” التي ترسخت في الأذهان.

بين التوقعات المجتمعية والاحتياجات الشخصية
في كثير من الثقافات، وخاصةً في مجتمعاتنا العربية، تُقدَّم الأمومة على أنها تضحية كاملة وتفانٍ لا حدود له. أي وقت تقضيه الأم لنفسها يُنظر إليه أحياناً بعين النقد أو التساؤل. هذه التوقعات المجتمعية غير المعلنة تزرع في نفوس الأمهات شعوراً بأن الاستمتاع الفردي يتعارض مع “المثالية” المزعومة، وأن الوقت بعيدًا عن الأبناء هو نوع من الأنانية أو الإهمال.

الشعور بالذنب: هل هو انعكاس للحب أم للتقصير؟
من الطبيعي أن تشعر الأم بالارتباط العاطفي العميق بأبنائها، وأن تفكر فيهم باستمرار. هذا الشعور بالذنب، في أحيان كثيرة، ليس دليلاً على تقصير فعلي، بل هو نابع من عمق الحب والحرص على التوازن بين العطاء والغياب.

لكن متى يصبح هذا الشعور عبئاً نفسياً؟ المشكلة تكمن عندما يُقيِّد هذا الشعور حياة الأم ويمنعها من العناية بنفسها، مما قد يؤدي إلى الإرهاق وفقدان الشغف، وهو ما ينعكس سلباً على صحتها النفسية، وبالتالي على تعاملها مع أطفالها.

الأم السعيدة تصنع أطفالاً سعداء
الراحة، والهدوء، واللحظات الخاصة ليست ترفاً للأم، بل هي ضرورة. عندما تمنح الأم نفسها مساحة للتجديد، فإنها تعود إلى أسرتها بقلب أكثر امتلاءً، وصبر أكبر، ودفء لا ينضب. الأبحاث العلمية تؤكد هذه الحقيقة: الصحة النفسية للأم تؤثر بشكل مباشر على النمو العاطفي والسلوكي لأطفالها.

كيف نتعامل مع هذا الشعور بوعي؟
اعترفي بمشاعرك دون قسوة:

لا بأس أن تشعري بالذنب أحياناً، المهم ألا تدعي هذا الشعور يسيطر عليكِ أو تحاسبي نفسكِ بقسوة.

تذكري أن الانفصال المؤقت لا يعني غياب الحب: بضع ساعات من الاستمتاع لا تلغي سنوات من الحنان والعطاء.

أعيدي تعريف الأمومة:

الأمومة ليست تضحية مستمرة، بل هي رحلة حب وتوازن. القوة الحقيقية تكمن في العطاء المتجدد، لا في الاستنزاف.

تحدثي مع أمهات أخريات:

مشاركة هذه المشاعر مع صديقات أو أمهات أخريات يمكن أن يخفف من ثقلها، ويكشف أنكِ لستِ وحدكِ في هذه التجربة.

ليس من الخطأ أن تستمتعي بوقتكِ بعيداً عن أطفالكِ، بل هو حق إنساني ضروري. مشاعر الذنب طبيعية، لكن لا تدعيها تسلبكِ لحظاتكِ الخاصة. الأمومة رحلة من الحب والوعي، وكلما منحتِ نفسكِ لحظة راحة، كلما عدتِ لأطفالكِ بابتسامة أكثر صدقًا وقلب أكثر امتلاءً.

اقرأ ايضاً: “تربية بلا إنهاك عصبي”: سر الهدوء العائلي يبدأ بكلمة “شكراً”

اقرأ ايضاً: النمو العاطفي والاجتماعي عند الأطفال: دليل لفهم عالمهم الداخلي

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.