انفتاح مشروط: العلاقات الأميركية السورية في ضوء مفاوضات التطبيع مع “إسرائيل”
شهدت العلاقات الأميركية مع الحكومة السورية الجديدة في عام 2025 تحولاً ملحوظاً، بعد سنوات من التوتر والعقوبات. فبينما أبدت واشنطن انفتاحاً مشروطاً تجاه دمشق، تسارعت وتيرة المفاوضات السورية-الإسرائيلية برعاية أميركية، ما أثار تساؤلات بشأن الموقف الأميركي من قضية دروز السويداء، وتحركات الشيخ حكمت الهجري، المرجع الروحي للطائفة الدرزية.
واشنطن تدعم دمشق بشروط.. وتحذر من المركزية:
يؤكد زكريا ملاحفجي، أمين عام الحركة الوطنية السورية، أن الإدارة الأميركية باتت منفتحة على التعاون مع الحكومة السورية الجديدة، لكنها تشترط تنفيذ إصلاحات سياسية وأمنية لضمان الاستقرار الاجتماعي.
كما أشار خلال حديثه لموقع “المدن” إلى اختلاف الرؤية بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، حيث تدعم واشنطن فكرة اللامركزية المحدودة، بينما تسعى “تل أبيب” إلى تعزيز الحكم الذاتي وتقسيم سوريا بما يخدم مصالحها الأمنية، خاصة في الجنوب السوري.
رفع جزئي للعقوبات الأميركية.. لا يزال مشروطاً:
من جهته، يوضح فاروق بلال، رئيس المجلس السوري الأميركي، أن قرار الخزانة الأميركية بإزالة العقوبات السورية من مدونة القوانين الفيدرالية يمثل تحولاً نوعياً، لكنه لا يعني رفعاً كاملاً للعقوبات.
وأضاف بلال أن الإجراءات العقابية لا تزال قائمة ضد المسؤولين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، الإرهاب، واستخدام السلاح الكيماوي، في حين أصبحت الشركات والبنوك الأميركية غير ملزمة بالتحقق من القيود السابقة، ما يفتح الباب أمام الاستثمارات والتعاملات المالية مع سوريا.
الموقف الأميركي من دروز السويداء وحكمت الهجري:
أشار ملاحفجي إلى أن الشيخ حكمت الهجري يحظى بدعم إسرائيلي أكثر من الدعم الأميركي، موضحاً أن “إسرائيل” تستثمر في تحركات الطائفة الدرزية في الجنوب، بينما تسعى واشنطن لطمأنة دمشق بشأن رفضها لأي مشاريع تقسيمية.
وبحسب الباحث فيصل السليم، فإن مسؤولين أميركيين نقلوا عبر قنوات غير معلنة رسائل تطمين إلى النظام السوري، مفادها أن “إسرائيل” لا تؤيد إقامة كيان ذاتي للدروز، وهو ما عكسته رسالة من دروز “إسرائيل” إلى الشيخ الهجري تنفي وجود أي “ممر إنساني” بين السويداء و”إسرائيل”.
المفاوضات السورية الإسرائيلية: اتفاق أمني يلوح في الأفق:
كشفت مرح البقاعي، المستشارة السياسية السابقة في البيت الأبيض، أن مفاوضات أمنية غير معلنة بين سوريا و”إسرائيل” جرت خلال الأشهر الماضية، وأن اتفاقاً أمنياً قد يُعلن رسمياً في أيلول/سبتمبر 2025.
وتؤكد أن هذا المسار يأتي في إطار رؤية أميركية تقودها إدارة ترامب، وتستند إلى ثلاث مبادئ:
1- الحفاظ على استقرار سوريا
2- ضمان وحدة أراضيها
3- دفعها نحو السلام الإقليمي
رؤية أميركية منقسمة وكونغرس متحفّظ:
يرى هشام نشواتي، مؤسس منظمة “سوريا طريق الحرية”، أن الرؤية الأميركية ليست موحدة، إذ يدعم البيت الأبيض بقيادة ترامب انفتاحاً تجاه دمشق، بينما يعارض الكونغرس رفع العقوبات بشكل كلي، بسبب التطورات الميدانية في الجنوب والساحل السوري.
وأوضح نشواتي أن فكرة دمج سوريا ولبنان ضمن اتفاقيات أبراهام طُرحت قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية 2024، إلا أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” لا يزال يُعد عقبة أمام التقدّم في هذا المسار لأسباب سياسية داخلية.
يبدو أن عام 2025 يحمل تغييرات جذرية في الملف السوري، مع تقارب حذر بين دمشق وواشنطن، وانفتاح غير مسبوق على مفاوضات مع “إسرائيل”، تقابله تحديات داخلية، ومواقف دولية متضاربة. أما مستقبل الجنوب السوري ودور الطائفة الدرزية، فسيبقى رهين التوازنات الإقليمية ونتائج التفاهمات الأمنية بين العواصم الثلاث: دمشق، “تل أبيب”، وواشنطن.
إقرأ أيضاً: هل تقترب سوريا من تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟ الجولان على الطاولة ولا اتفاق بعد
إقرأ أيضاً: إسرائيل تثبّت نقاطًا عسكرية في رخلة: خطوة استراتيجية تهدد أمن دمشق وبيروت