تغلب الآراء والمواقف الشعبية لأهالي وعقلاء السويداء التي تعبر عن الموقف الحقيقي لأهل المحافظة، على الممارسات الخارجة عن المسارات المنطقية للفعاليات المطلبية، بعد أن استغل عدد من الأفراد الاحتجاجات التي تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، وتحويلها إلى شكل مظاهرات رفعت فيها أعلام غير وطنية كعلم الانتداب وشعارات وصفها كثيرون بالتأزيمية، فيستمر إنشاء الحواجز وقطع الطرقات لليوم التاسع توالياً، والدعوة إلى تشكيل مجلس إدارة مؤقت، لإدارة شؤون المحافظة وتسيير عمل الجهات الخدمية، بالإضافة إلى تشكيل لجنة لتوحيد الفصائل والإشراف على عملها لتحقيق الأمن الاجتماعي على مستوى المحافظة، حسب زعم مروجوا تلك الدعوات.
وقُوبلت هذه الدعوات والآراء برفض واسع على مستوى المحافظة، بداية من الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، التي أعلنت عدم تبنيها لأي بيان لا يصدر عنها، وأن أي بيان يصدره الآخرون لا يمثلها، ولا يمثل سوى أصحابه، ومن جانبها أصدرت رابطة “المحاربين القدامى وضحايا الحرب” في محافظة السويداء، بياناً رفضت فيه الأحداث الأخيرة رفضاً قاطعاً.
وأفاد البيان “نحن ضباط رابطة المحاربين القدماء في محافظة السويداء، نرفض رفضاً قاطعاً أي بيان أو منشور من شأنه العبث بالحالة الوطنية المتجذرة عبر التاريخ، الذي توارثناها عن آبائنا وأجدادنا، ويؤسفنا أنهم استطاعوا تحويلها إلى مظاهرات انفصالية طائفية عشوائية بأهداف جديدة دخلت خلسة عن طريق استغلال غفلة المجتمع وبعض الشباب المندفع بسبب التخبط وغياب مؤشرات المستقبل عن أذهانهم، وتسليم القيادة إلى من يجهل القيادة ولا يقدّر النتائج، ودليلها القاطع هو رفع علم الانتداب الفرنسي بأيادي أحفاد من ثاروا ودحروا الاستعمار الفرنسي نفسه، وتغييب العلم السوري الذي هو رمز وحدتنا الوطنية، والمطالبة بفتح معابر مشبوهة وغير شرعية تستوجب موافقة حكومات غير سورية، وتشكيل فصائل مسلحة نستغرب لمواجهة من ومن سيدعم هذه الفصائل”.
وأضاف البيان ” من أنكر راية داعش عليه ألا يأتي بمثله، نحن علمانيون نبحث عن التقدم والحضارة، نُلام إن لم نتدخل من أجل إنقاذ هذا الركب بحمله الثقيل في مثل هذه الظروف القاسية التي تواجه وطننا الغالي، فهذه الأزمات يلزمها قيادة مسؤولة ومثقفة ولا يجوز تركها شعبية تترنح بين عمامة وعباءة، سورية هي أمنا التي رضعنا من ديدها طعم العزة والكرامة والإباء والسؤدد، حتى خلّصنا تخلّفنا من بصمات العثمانيين ومن بعدهم ألاعيب فرنسا، ولن نضيع تضحياتنا ولا تضحيات أسلافنا ولا دماء شهدائنا بين أيادي العملاء، محذرين من الاحتماء تحت مظلة الأعداء.
كما نوّه الشيخ “صالح ضو” إلى “أهلنا وأحبتنا في السويداء لا تسمحوا بأن يمحوا الشاذين عن الحق أمجاد أبطالكم وجهاد عظمائكم، تاريخكم ناصع أسدلوا الستار على من يريد لأجل مصلحته أن يهدم هذه القلاع التي استعصت على كل الغزاة وجحافل العدوان، وحدوا كلمتكم بوجه من يحاصر بلدكم ويسرق خيراتكم أميركا وأعوانها هناك الخبر”.
وكتب رئيس فرع نقابة المعلمين السابق “منير الطويل”.. “لماذا هذا التجييش، إلى أين تريدون الوصول، مازالت الناس تطالب بتأمين لقمة العيش وتعيش بكرامة، الخيار العسكري ليس بمصلحة أحد، تكلفته أكثر بكثير، من تحسين الوضع المعاشي وتخفيض الأسعار، الحالة ليست معقدة، ليست كيمياء، بحاجة نوايا سليمة فقط، وأهل السويداء، لا تتعاملوا مع أيا شخص ينظّر من خارج سورية، ليس مقبولا، سعر برميل المازوت، براتب سنة كاملة، العقل ثم العقل ثم العقل، والله وراء القصد”.
كما أشار العميد ركن “رياض الطويل” إلى أن “السويداء لن تكون خارج حدود الوطن، ولن يكون لنا راية سوى راية سورية وليشهد التاريخ بأننا قلب سوريا النابض، أهلنا بالسويداء الأكارم إن لكم ماضي عريق في الجهاد، أنتم من قهر الاستعمار العثماني والفرنسي، رفضتم أن تكونوا دولة خارج حدود سورية، وشهد لكم العالم ذلك، أبا الثوار منكم الذي قاد معارك الكرامة على كافة تراب الوطن، أنتم من أنشد وقال بالروح نفذي وطنا، أنتم من قهر أعداء الوطن من الدواعش وقدمتم الضحايا والشهداء، مطالبكم محقة للعيش بكرامة في هذا الوطن ومطالبكم بمحاسبة الفاسدين”.
وأضاف “يا أهلنا نناشدكم أن لا تتركوا فرصة للمندسين بيننا، الذين كانوا بالأمس يحتضنون الإرهاب، واليوم يتباركون علينا، لستم بحاجة لشهادة أحد أنتم رمز للوفاء للوطن، أنتم من رفع راية سورية على جبل الشيخ وسطرتم ملاحم البطولة على ارض الجولان، ابقوا على مطالب الحق ولا تتركوا فرصة للمندسين والعملاء الذين في الظاهر معكم وفي الداخل ينفذون مخطط التآمر، ونضم صوتنا لصوتكم أن تتراجع الحكومة عن قراراتها الجائرة بحق الشعب السوري، الذي زاد فقرنا فقرا وجوعا ومحاسبة الفاسدين علنا، نقول لمن يشكك بوطنيتنا خسئتم سنبقى سوريين، وستبقى السويداء قلب سوريا النابض، عاشت سوريا بكافة أطيافها وتحية لبني معروف الكرام”.
بدوره لفت الصحفي “أدهم الطويل” إلى أنه “سريعا تقود تطورات السويداء إلى خلاصة أولية علنية، كنا نتوقعها وأجلنا الحديث عنها، لأننا كنا ومازلنا نراهن على أصالة وصدق الانتماء الوطني لأهلنا في السويداء، أولا إصرار قادة “الحراك” على رفع العلم الديني للطائفة يعني أن ما يجري هو حراك “درزي” غير وطني على الإطلاق حتى لو كان يطالب بمطالب محقة لكل السوريين، ثانيا بدء ظهور الدعوات والمطالبات لفتح الحدور مع الأردن بشكل معلن، أو مستتر يعني أن المنظمين انتقلوا الى المرحلة الثالثة وهي “تدويل” الحراك، ذلك بالتزامن المفضوح مع تأييد أمريكي له، والغاية من هذه المرحلة الانتقال للمرحلة الرابعة وهي إعلان التمويل الخارجي للمتظاهرين، ثالثا انطلاق البيانات التي تتحدث عن طبيعة المرحلة المقبلة، مثل لجان أو هيئات إدارة محلية، عسكرية وخدمية واقتصادية، يكشف ذهنية وأهداف من يدير الحراك، واستعدادهم لكشف طموحهم الانفصالي، فيما يستمرون باستخدام جموع “المتظاهرين” واستغبائهم”.