دمشق وعمّان تعيدان إحياء الخط الحديدي الحجازي

في خطوة تعكس التحول العميق في العلاقات السورية الأردنية بعد سقوط النظام أواخر العام الماضي، تتجه دمشق وعمان لإحياء مشروع الخط الحديدي الحجازي التاريخي، في إطار مساعٍ متبادلة لتعزيز التعاون في مجالات النقل والتجارة والاقتصاد.

وبحسب وكالة الأنباء السورية “سانا” اختتمت اللجنة الفنية السورية – الأردنية للنقل البري، يوم أمس الجمعة، اجتماعها في العاصمة الأردنية عمّان بعد يومين من المباحثات، ركزت خلالها على سبل تطوير النقل البري والسككي بين البلدين.

وأكد الجانبان خلال الاجتماع أهمية إعادة تشغيل الخط الحديدي الحجازي، على أن يُخصص في مرحلته الأولى لنقل البضائع، على أن يُعقد اجتماع فني قريب لبحث الجوانب التقنية والتشغيلية للمشروع.

كما تم الاتفاق على تعديل رسوم عبور الشاحنات لتوحيدها عند نسبة 2% في كلا البلدين، بعد أن كانت 5% من الجانب الأردني، إضافة إلى التوافق على إزالة العقبات الفنية والإدارية التي تعيق حركة الترانزيت، بما يسهم في تنشيط التبادل التجاري ويعزز التكامل الإقليمي.

في السياق ذاته، أعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا عن التوصل لاتفاق مع السلطات الأردنية يقضي بإلغاء ضريبة الديزل (115 دولاراً أميركياً) المفروضة على الحافلات السورية الداخلة إلى الأردن، في خطوة وصفت بالمُتبادلة.

وكان المدير العام لمؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني، زاهي خليل، قد كشف في وقت سابق عن مشروع لإطلاق رحلات سياحية بين عمّان ودمشق عبر القطار، مروراً بمحطات تاريخية في الزرقاء والمفرق ودرعا، وصولاً إلى محطة القدم بدمشق، مع تولي الجانب السوري أعمال الصيانة للجزء الواقع ضمن أراضيه.

ويُعد الخط الحديدي الحجازي واحداً من أعرق مشاريع السكك الحديدية في المنطقة، أُسّس في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، لخدمة الحجاج المسلمين، وافتُتح عام 1908 قبل أن يتوقف عن العمل إثر تدميره خلال الحرب العالمية الأولى عام 1916، وكان الحجاج يقطعون المسافة من دمشق إلى المدينة المنورة خلال خمسة أيام فقط بدلاً من أربعين يوماً.

وفي مؤشر على تحسّن العلاقات التجارية، أعلنت غرفتا تجارة عمّان والأردن عن ارتفاع كبير في حركة التبادل التجاري بين البلدين خلال النصف الأول من العام الجاري، مدفوعة بانفتاح اقتصادي متزايد، خاصة في قطاع إعادة الإعمار. وبحسب الإحصائيات الرسمية، تجاوز عدد الشاحنات الداخلة إلى الأردن من سوريا خلال الفترة الممتدة من ديسمبر 2024 إلى نهاية مايو 2025 نحو 55 ألف شاحنة.

ويُجمع مراقبون وخبراء اقتصاديون، من بينهم عابد فضلية، أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، على أن الأردن يُشكّل بوابة استراتيجية لسوريا نحو الخليج، وأن استثمار هذا الموقع الجغرافي المهم يتطلب استمرار الجهود الرسمية لتعزيز التعاون الثنائي وتأطيره باتفاقيات متينة، خاصة مع دول عربية مؤثرة كالسعودية والإمارات وقطر وفقاً لصحيفة الشرق الأوسط.

ويبدو أن إعادة تشغيل الخط الحديدي الحجازي ليست سوى جزء من مشروع أكبر لإعادة ربط سوريا بشبكات النقل الإقليمي، في سياق سياسة جديدة تسعى فيها دمشق لبناء علاقات اقتصادية على أنقاض ما خلفته العقود السابقة من عزلة ودمار.

 

اقرأ أيضاً: وزير النقل: قطار سريع يربط دمشق بالخليج قيد الدراسة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.