خطف النساء في الساحل السوري: فدية، تهديد وطائفية في فراغ أمني

في ظل الحديث الإعلامي العالمي عن خطف النساء في الساحل السوري ومحافظة حماة، سُجِّلت بين مطلع كانون الثاني ونهاية حزيران 2025، وفق تقاطعات ميدانية وأُممية وإعلامية، ما لا يقلّ عن 33 حالة مؤكَّدة لاختفاء أو اختطاف نساء وفتيات من الطائفة العلوية في الساحل السوري ومحافظة حماة.

وبحسب موقع سوريا الغد، أصبحت شبكات التهريب عبر جبال اللاذقية طريقا موازيا لاقتصاد فدية يدرّ ملايين الدولارات، بينما تتردد العائلات في الإبلاغ خوفا من وصمة العار أو انتقام خاطفي بناتهم.

تتراوح أعمار الضحايا بين 16 و39 عاما، وتلقّت ثلث العائلات مطالب فدية تُراوح بين $1,500  و $100,000، مع تهديداتٍ بالقتل أو “البيع عبيدا” أو التهريب عبر الحدود التركية والعراقية، وتؤكّد لجنة التحقيق الدولية أن الظاهرة تصاعدت بعد موجة عنفٍ طائفيٍّ دمويّةٍ في آذار، واعتبرتها مؤشرا على هشاشة النظام الانتقالي وانفلات الأجهزة المحليّة.

بينما تنفي سلطات الساحل وجود “حملة منظّمة”، في وقت يُحذِّر حقوقيون من تكرار سيناريو الإيزيديّات في العراق، وسط خطٍ هشٍّ بين الجريمة المنظّمة والانتقام السياسي.

فمنذ كانون الأول 2024، تفكّكت أجهزة الأمن القديمة، واندفع خليط من الفصائل الجهادية، منها وحدات مندمجة في قوات الحكومة الانتقالية، للانتقام مما يدعون بأنه “النخبة المهزومة؛ فاختطاف النساء ظهر كآلية إذلال تاريخية سبق أن مورست ضد الإيزيديات على يد “داعش” في العراق عام 2014.

الأبعاد الجغرافيّة

تتركّز حالات الخطف في ثلاث محافظات ساحلية: طرطوس (≥ 18 حالة)، اللاذقية  (≥ 10)وحماة (≥ 5)  جميعها جرت في وضح النهار قرب مدارس أو أسواق أو مواقف حافلات، ما يعكس جرأة الفاعلين وفراغ الشارع من دوريات روتينية، عدم تسجيل حوادث مماثلة بطوائف أُخرى يُشير إلى استهدافٍ مقصود، لا إلى ظاهرة جريمة عشوائية.

أنماط الجناة

رغم غياب دليلٍ قاطع على هوية الخاطفين، تُجمِع شهادات الأهالي على ثلاثة مسارات محتملة:

  1. عصابات اتجارٍ بالبشر تربطها خطوط حوالة في إزمير التركية وتحويلات صغيرة متسلسلة.
  2. مجموعات مسلحة محليّة نشأت من بقايا فصائل معارضة وتستثمر فراغ السلطة بعد آذار 2025.
  3. تواطؤ عناصر أمنية؛ اتُّهمت الشرطة بتعطيل البلاغات أو وصفها بـ”خلافات أسرية”.

مسارات الفدية

تفاوتت مطالب الفدية من 1500 دولار (حالة خزامى نايف، حماة) إلى مائة ألف دولار في طرطوس، مع تهديدات بالقتل وبـ”البيع في سوق العبيد” إذا تأخر الدفع، في حالة عبير سليمان، دفعت العائلة 15000دولار عبر 30 حوالة إلى ثلاثة حسابات في إزمير قبل أن ينقطع الاتصال، وقنوات الدفع العابرة للحدود تعكس خبرة لوجستية تتجاوز قدرات عصابة محلّية بسيطة.

انعكاس الطائفيّة

ترى لجان حقوقية أنّ اختطاف نساء “الطائفة المهزومة” (وفق منطق الميلشيات المنتشرة في الساحل) يحوّل الجسد الأنثوي إلى ساحة صراع رمزي ووسيلة إذلال وتشتيت مجتمعي، كما حدث في تبادل الخطف السنّي-الشيعي بلبنان 2013، وهذه الممارسات، وإن بدت مالية في ظاهرها، تُغذّي دائرة انتقام طائفي يهدد قدرة الحكومة الانتقالية على بناء عقدٍ اجتماعي شامل.

 

الاستجابة الرسميّة والدوليّة

  • لجنة التحقيق الأممية أعلنت توثيق ستّ حالات مؤكدة وتحقق في عشرات البلاغات الأخرى.
  • اللجنة الوطنية للمفقودين (17 أيار 2025) وضعت الملف في مرتبة “عاجل” وفتحت خطا ساخنا، لكن لم تُنشر نتائج بعد!
  • الاتحاد الأوروبي رحّب باللجنتين الجديدة للعدالة الانتقالية والمفقودين، مع التذكير بضرورة ملاحقة الجناة عبر الولاية القضائية العالمية.
  • محليا، اكتفت الجهات الرسمية في محافظات الساحل بتصريحات تُرجِع الظاهرة إلى “هروبٍ طوعي أو مشاكل زواج”، ما عمّق فجوة الثقة بين الدولة ومجتمعها.

التبعات الاجتماعيّة–الأمنيّة

لا يقتصر الأثر على العائلات المنكوبة؛ إذ أغلقت مدارس وجامعات أبوابها أياماً متقطعة في اللاذقية وطرطوس، وأبلغت لجان أهلية عن انخفاض حضور الطالبات بـ 27% بين آذار وحزيران، وأصبحت شبكات التهريب عبر جبال اللاذقية طريقا موازيا لاقتصاد فدية يدرّ ملايين الدولارات، بينما تتردد العائلات في الإبلاغ خوفا من وصمة العار أو انتقام خاطفي بناتهم.

تُلخِّص الظاهرة عُمق الانهيار الأمني في الساحل السوري، وتقاطع الجريمة المنظّمة بالانتقام الطائفي في مرحلة انتقالية هشّة، وإن لم تُرفَق لجان التحقيق الداخلية بدعمٍ قضائي دولي وآليات حماية للشهود، فستتكرّر حوادث الخطف وستتآكل شرعية النظام الجديد.

إقرأ أيضاً: رويترز: نساء علويات يُختطفن من شوارع سوريا

إقرأ أيضاً: اعتقالات غامضة تطال مواطنين في مناطق سورية متفرقة وسط غياب التوضيحات الرسمية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.